الأطفال وقضايا البيئة في الوطن العربي

الكاتب : د.هشام بشير الأربعاء 26 سبتمبر 2012 الساعة 04:52 مساءً

الأطفال وقضايا البيئة في الوطن العربي

 

تعد قضية الرعاية البيئية والوعى البيئى والسلوك الرشيد لدى الأطفال من الموضوعات المهمة، لأنها تحدد كيفية تعامل الأفراد فى المستقبل مع كل مكونات البيئة, فالبيئة تعد كائناً حياً، لابد من المحافظة عليه، وهذا الأمر لا يمكن إنجازه، إلا إذا تعلم الطفل كيف يكون متحضراً فى كل ما يصدر عنه من سلوكيات تجاه البيئة وجوهر هذه السلوكيات هو الوعى الكامن داخل الطفل، والذى ينطلق منه السلوك سواءاً كان إيجابياً أم سلبياً نحو البيئة، وتحتاج عملية تكوين الوعى البيئى لدى الأطفال إلى جهود متواصلة من القائمين على تنشئة الطفل ورعايتة كذلك من وسائل الأعلام وغيرها من المؤسسات الإجتماعية, كما إنها عملية تحتاج إلى تخطيط علمى مدروس وإجراءات علمية, حتى يمكن تكوين الوعى على أفضل نحو ممكن،  مما يساعد على تكوين السلوك الصحى الرشيد نحو البيئة.

 

   ويتضح من خلال القراء الدقيقة للتشريعات البيئية فى الدول العربية ان هناك قصور عربي حقيقيى فى توفير بية صحية للطفل العربي ويعود ذلك الى عدم الاكتراث من جانب الحكومات العربية هذا من جانب. ومن جانب اخر  فهناك سسبب اخر مهم وهو الغياب شبه الكامل للمعالجة التشريعية او المعالجة السطحية لبعض العناصر، ولذا فقد إزدادت حدة المشاكل البيئية فى العالم العربي مما اثر على صحة الطفل العربي، خاصة مع غياب دور التوعية والإعلام البيئي، فمن مظاهر الخلل البيئي الأكثر وضوحا اضمحلال واختفاء الغطاء النباتي وزيادة الرقعة المتصحرة وتدهور خصائص التربة وتملحها وتلوث الهواء ومياه الشرب وغيرها من المظاهر.

 

·   كما تؤكد الدراسات والمسوحات المجراة أن التشريعات التي عنيت بالبيئة في المنطقة العربية –خاصة بيئة الطفل- لم تتناول في اغلب الأحيان عناصر تكوينات البيئة بطريقة مباشرة ، وإنما هي مجموعة تشريعات لها صلة بشكل أو آخر بالبيئة وموضوعاتها.

 

 

 

·   وتجدر الإشارة ان معظم النصوص التشريعية المتعلقة بحماية البيئة لم توجه مباشرة إلى حماية بيئة  الطفل العربي بشكل متخصص ، بل تناول بعضها جوانب من البيئة وفق تصور ضيق لأنواع وطبيعة المؤثرات على البيئة وحدود تأثيرها ، أي ان الصورة الكاملة لحالة البيئة غائبة عن أذهان المشرعين، مما جعل تلك النصوص غير كافية وغير ملائمة للحاجة التي تتطلبها تطورات العصر، إذ يغيب عن هذه النصوص المعيار العلمي المرجعي في تحديد المخالفات المتعلقة بالبيئة ، فغياب المعيار العلمي يعرض تطبيق النص القانوني للاجتهاد ويخرج به عن مقاصده ، إذ انه من المعروف عن تطبيق النصوص الجزائية لا بد وان يستند إلى نص قانوني واضح عملا بالمبدأ القانوني الثابت القائل بأنه (( لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص في القانون)). ويضاف إلى ما تقدم ان هناك بعض الجوانب الهامة المتعلقة بالبيئة، التي لم تتناولها النصوص المعمول بها حاليا، مما يعني وجود فراغ تشريعي في توفير المعالجة القانونية والسند القانوني الملزم لتأمين حماية البيئة وإدارتها.

 

·   ولما كانت هذه هي حال النصوص ، من حيث عدم الملاءمة وعدم الكفاية ، فقد استدعت الحاجة الناتجة عن الطور التقني المتسارع الإيقاع إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالبيئة والدعوة إلى إجراء المزيد من التعديلات عليها لتتلاءم مع المستويات المطلوبة من الصحة والسلامة البيئية، وبخاصة في الجوانب المتعلقة بالبيئة الزراعية التي ترتبط مباشرا باحتياجات الانسان ومأكله وملبسه ، كما ترتبط بالموارد الطبيعية الحيوية التي تدعو الضرورة إلى صيانتها والحفاظ عليها وتنميتها بشكل مستدام .

 

 أسباب عدم كفاية التشريعات البيئية :

 

·         تتلخص أهم أسباب عدم كفاية التشريعات البيئية فيما يلي :

 

·   عدم مرونة التشريعات المعمول بها بالشكل الذي يلائم التطور السريع في الجوانب الحياتية المختلفة التي أدت إلى إحداث تأثيرات واسعة ومتنوعة على الأنشطة البيئية، مما يقتضي إيجاد معالجات قانونية ملائمة

 

·        ازدواجية النصوص المتعلقة بالبيئة ، وما ينشأ عن ذلك من عدم الوضوح في إعتماد النص الواجب التطبيق.

 

·   ازدواجية عمل المؤسسات المختصة بشؤون البيئة، وما ينشأ عن ذلك من تداخل وتنازع في الاختصاصات ، سواء في مجال الإشراف والرقابة أو التنفيذ.

 

·        عدم ملاءمة العقوبات التي تضمنتها النصوص التشريعية، حيث أنها لا تتمتع بقوة الردع الموازية لحجم المخالفات المتعلقة بالبيئة.

 

·        عدم تناول النصوص لكثير من المستجدات الهامة المتصلة بالبيئة.

 

·   غياب الاستقلالية في عمل المؤسسات المسؤولة عن شؤون البيئة، حيث أنها لا تعمل على البعد البيئي فقط بل ترتبط بنشاطات حكومية أخرى تأخذ الكثير من جهدها ووقت عملها.

 

·        غياب الكوادر المتخصصة في العمل البيئي في المؤسسات المعنية بإدارة شؤون البيئة ، مما يفقدها المرجعية العلمية والإدارية.

 

·   افتقار الأجهزة المسؤولة عن شؤون البيئة إلى صلاحية الرقابة على عمل المؤسسات ، سواء العامة او الخاصة أو الأهلية اللازمة لمتابعة تطبيق وإنفاذ النصوص التشريعية المتعلقة بالبيئة.

 

·   وجدير الذكر انه تم عقد ندوة "دور القوانين والتشريعات في حماية البيئة العربية" بالمقر الإقليمي للمنظمة العربية للتنمية الإدارية بالشارقة 7 - 11/5/2005 ، وخلال جلسات العمل ناقش المشاركون في الندوة عدد من المحاور والموضوعات ذات العلاقة بدور التشريعات في حماية البيئة العربية  وخاصة بيئة الطفل العربي وقد توصل المشاركون إلى التوصيات التالية :

 

1. أهمية التنسيق والتعاون بين الهيئات والمؤسسات العربية المعنية بالبيئة العربية، بالإضافة إلى التنسيق والتكامل بين القوانين والتشريعات العربية.

 

2. حث الدول العربية التي لم تصدق على الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة والموارد الطبيعية والعمل على الإنضمام إلى تلك الاتفاقيات بهدف سد الفراغ القانوني في هذا المجال.

 

3. ينبغي على الدول العربية أن تتضمن تشريعاتها الوطنية الخاصة بحماية البيئة والموارد الطبعية، ضرورة حماية البيئة من المناورات والتدريبات العسكرية في وقت السلم بهدف حماية التربة والحيوانات والنباتات في المحميات الطبيعية وأن تتضمن الأحكام الطبيعية أثناء المنازعات المسلحة مع وضع خرائط تبين مواقع المحميات الطبيعية وإقرار مسئولية الدولة عن العمليات الحربية التي تلحق إضراراً فادحة بالبيئة والموارد الطبيعية ومطالبتها بالتعويض.

 

4. مطالبة الدول العربية العمل على إنشاء صندوق للبيئة على أن تخصص موارده للصرف على الأنشطة التي تحقق حماية البيئة وحماية الحياة القطرية ولتحسين وتنمية البيئة في الوطن العربي.

 

5. حث الدول العربية على تطوير قوانين الإدارة البيئية والعمل على إنشاء جهات مركزية ولامركزية في الدولة تتولى الإشراف العام على حماية البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية من خلال التنسيق بين الجهات ذات العلاقة التي تتولى تنفيذ القوانين واللوائح البيئية في الدولة

 

6. العمل على تدريب القوى البشرية الوطنية في مجال تطبيق القوانين واللوائح البيئية وإعداد برامج تدريبية مكثفة في تنفيذ الإلتزامات الدولية في الاتفاقيات الدولية والإقليمية البيئية والمصدق عليها من الدولة.

 

7. وضع خطة استراتيجية من قبل كل من وزارات وهيئات البيئة العربية على المستوى الوطني تضمن أسس وآليات حماية وتطوير البيئة العربية من خلال التنسيق والتعاون إقليمياً وعربياً.

 

8. تعديل التشريعات البيئية في الدول العربية لمنح الصلاحيات الكاملة للأجهزة والمؤسسات الخاصة بحماية البيئة وطنياً  خاصة بية الطفل العربي بتطبيق القوانين والتشريعات الخاصة بها.

 

9. ضرورة التنسيق والتكامل بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص مع مؤسسات القطاع الحكومي (مركزياً ولامركزياً) ضمن خطة شاملة لحماية وتطوير البيئة العربية.

 

10. تطوير التشريعات العربية البيئية بما يتناسب واستكمال وتطوير المواصفات النوعية للبيئة بما يعزز الرقابة البيئية وتفعيل التشريعات خاصة المتعلقة ببيئة الطفل العربي.

 

الدكتور هشام بشير: مدير الشبكة العربية للتنمية المستدامة.

 


عدد التعليقات 0

     
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل الرقم التالي