وفي المنحى نفسه، أعاد القرار نقاشا حول جدوى مشاريع إعادة تدوير النفايات إلى الواجهة.
وأقرت الحكومة التونسية في مطلع أغسطس الجاري، تنفيذ المبادرة البيئية "جربة دون بلاستيك" وذلك بمنع إنتاج وتوزيع الأكياس البلاستيكية بجزيرة جربة التي تلقب في تونس بأنها جزيرة الأحلام، نظرا لمقوماتها الطبيعية الخلابة التي تمتاز بها والتي جعلت منها قطبا سياحيا هاما ووجهة محبذة للسياح التونسيين والأجانب.
ويهدف مشروع "جربة دون بلاستيك" إلى التوعية بالمخاطر الصحية لاستعمال المواد البلاستيكية وبانعكاساتها السلبية على البيئة والمحيط "وذلك وفق ما صرح به العضو المنسق للتظاهرة ومساعد رئيس بلدية جربة، فوزي بوزفارة.
وفي تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أوضح فوزي بوزفارة: "مشروع جربة دون بلاستيك يشمل ثلاث مناطق بلدية بجزيرة جربة، يمتد على المدينة بأكملها، ويقضي بمنع استعمال البلاستيك والأكياس البلاستيكية في الأسواق والمراكز التجارية الكبرى.
ومن المرتقب أن يشمل الاستعمالات اليومية، في وقت لاحق، فيما ستشهد أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر 2022 حجز كل المواد البلاستيكية المشمولة بالمنع، ثم الاتجاه مع بداية شهر ديسمبر المقبل إلى فرض غرامات مالية تتراوح بين 300 وألف دينار (بين 100 و 330 دولارا) على من ينتهكون الحظر.
وقال بوزفارة: "من المعلوم أن جزيرة جربة تعد من أكثر الوجهات جذبا للسياح، مشروع جربة دون بلاستيك دخل رسميا حيز التنفيذ عقب زيارة وزير السياحة للمدينة ولقائه بالمسؤولين قبل الشروع في إعلام مصنعي البلاستيك وموزعيه بالجزيرة لتوقيف إنتاج الأكياس ذات الاستعمال الواحد وغير القابلة للتدوير، والاتجاه نحو صناعة منتوج صحي وتكثيف عمل التوعية للتذكير بقرار منع البلاستيك بالجزيرة واعتماد بدائل أخرى لحمل المواد الاستهلاكية من أبرزها القفة المصنوعة من السعف إحياء للصناعات التقليدية".
ويحمل المشروع أهدافا بيئية في الظاهر لكنه ينطوي على أبعاد اقتصادية وسياحية خصوصا أن جزيرة جربة تعد واحدة من المدن السياحية الكبرى في تونس والتي تعرف سنويا توافد عدد كبير من السياح الأجانب والتونسيين كما توفر سنويا فرص عمل رسمية ومؤقتة للآلاف من الناشطين في قطاع السياحة والترفيه.
منع "قديم"
وتعليقا على مشروع "جربة دون بلاستيك" ومدى قدرته على تحقيق الأهداف المرسومة، قال الخبير في المجال البيئي، عادل الهنتاتي إن "منع استغلال الأكياس والمواد البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد قديم وتم إقراره منذ سنوات ولكن لأسباب عديدة لم يتم تفعيله إلا خلال السنة الجارية وذلك بعد تضافر جهود السلطات المحلية بمدينة جربة والإقرار بالمخاطر الصحية للنفايات البلاستيكية والأثر السيء الذي تتركه على المظهر العام للمدينة والجانب الجمالي ككل".
وقال الهنتاتي، الأستاذ بالجامعات التونسية في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، "النفايات البلاستيكية بشكل عام وخصوصا أكياس البلاستيك التي يتم استغلالها لحمل البضائع والمقتنيات وسائر المواد الاستهلاكية هي عدوة للبيئة ومن شأنها أن تعرقل المسار الاقتصادي وتستهدف نجاح الموسم السياحي".
وتابع "من المهم أن ينخرط الجميع في مثل هذه المبادرات البيئية، ليس لأنها سهلة وغير مكلفة فقط، وإنما أيضا لدورها في الحفاظ على الجانب الجمالي للمدينة وطابعها كوجهة سياحية تستقطب سنويا الملايين من السياح".
ويرى المتحدث أن القضاء على استعمال الأكياس البلاستيكية نهائيا وجمع نفايات البلاستيك من أجل إعادة تدويرها من شأنه أن ينعكس إيجابا على نظافة البيئة والمحيط، بل إن النفايات البلاستيكية أصبحت بدورها قطاعا حيويا ذا إيرادات مالية كبرى خصوصا بعد قرار السلطات إنشاء وكالة وطنية للتصرف في النفايات مهمتها التصرف في النفايات البلاستيكية وغيرها وإعادة تدويرها بشكل يجعلها مصدرا للثروات لدى الكثيرين.
وكشف الخبير في الشأن البيئي أن مشروع "جربة دون بلاستيك" لا بد أن يعمم على كل المحافظات نظرا لانعكاساته المباشرة على حماية البيئة والمحيط وعلى القطاع الاقتصادي.
يشار إلى أن السلطات التونسية أقرت في يناير من العام 2020 منع صناعة الأكياس البلاستيكية واستخدامها أو إنتاجها وتوريدها.