صناعة الهواتف.. نهضة نوعية للتكنولوجيا الذكية بمصر.. استثمارات بالمليارات وخطوة لتحقيق التنمية المستدامة |
|
نقلة نوعية كبرى ينتظرها الاقتصاد من توطين صناعة الهواتف الذكية، لا تقتصر فقط على تخفيض فاتورة الواردات وزيادة فرص التصدير، إنما تمتد لتشمل جذب استثمارات أجنبية مباشرة لإنشاء وتنفيذ المصانع وإمدادها بخطوط الإنتاج، وكذلك توفير آلاف فرص العمل للشباب وتدريبهم مما يسهم فى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة، وتعزيز حصة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى زيادة معدل النمو الاقتصادى. تقوم مصر بجهد كبير لتوطين صناعة الهواتف الذكية، كأحد نماذج التطور الصناعى المنشود فى المنطقة العربية، هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادى الدكتور رمزى الجرم، منوها إلى أن الحكومة المصرية تتبنى إستراتيجية حقيقية لتوطين تلك الصناعة، تتمثل فى السعى لاستقطاب اللاعبين الرئيسيين فى هذه الصناعة على مستوى العالم للدخول للسوق المحلية، مثمنا نجاح الحكومة فى عقد تفاهمات مع عدد من الشركات الصينية، ومن قبل كوريا الجنوبية وتقديمها المزيد من الحوافز النوعية لجذب هذه الشركة العملاقة للدخول للسوق المحلية.
سيكون لذلك انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصرى وتحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد الوطنى، ويؤدى إلى تخفيض قيمة الواردات بنحو 1.5 مليار دولار، وتوفير المزيد من فرص العمل الحقيقية، وخلق كوادر فنية على أعلى مستوى من التقنية فى مجال الصناعات الحديثة.
ويؤكد د. رمزى الجرم، أن الأمر لن يقتصر عند تبنى إستراتيجية بديلة للواردات، بل السعى لزيادة مستهدفات إنتاج الهواتف المحمولة بأكثر من 6 ملايين هاتف من كل شركة فى هذا المجال، من أجل تعزيز مسارات التصدير، وهذا سيؤدى الى تحقيق إنجازات اقتصادية مزدوجة، تتمثل فى توفير المزيد من الموارد الدولارية الخارجة والداخلة، مما يؤدى إلى تحسين أوضاع ميزان المدفوعات، وزيادة حجم الاحتياطى الأجنبى. وبشكل عام، فإن تبنى إستراتيجية توطين صناعة الهواتف المحمولة فى مصر والمنطقة العربية، ستكون له انعكاسات إيجابية على اقتصاديات المنطقة
فوائد متعددة
ويرى الدكتور وليد جاب الله، الخبير الاقتصادى، أن مصر منفتحة على تطوير القطاع الصناعى، وقطعت خطوات كبيرة وجديدة فى هذا المجال واستطاعت جذب عدد من المستثمرين المؤثرين فى تلك الصناعة عالميا، وهو ما يمثل إضافة قوية للاقتصاد المصرى، داعيا الحكومة إلى المزيد من الحوافز والضمانات لتشجيع مزيد من استثمارات للعمل فى مصر خلال الفترة المقبلة.
وتابع جاب الله قائلا: إن وجود أكثر من 100 مليون مستهلك فى مصر يجعلها أرضاً خصبة للتصنيع التكنولوجى، ويفتح الأفق للدخول فى السوق الإفريقية والعربية، ومن هنا جاء اهتمام بعض الشركات العالمية فى صناعة الهواتف المحمولة، بتدشين مصانع لها فى بمصر وزيادة حجم استثماراتها، وهى خطوة لتعميق تلك الصناعة فى مصر، بحيث تكون خطوة لتحقيق المستهدفات المصرية، بزيادة الإنتاج وتلبية احتياجات السوق المحلية مع زيادة حجم الصادرات المصرية، مع أهم مكسب اقتصادى لوجود تلك المصانع فى مصر، الذى يتمثل فى توفير فرص عمل كثيرة.
معدلات نمو مرتفعة
وبدوره يرى الدكتور حسام الغايش، خبير أسواق المال ودراسات الجدوى الاقتصادية، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، أن إستراتيجية مصر تتضمن سلسلة من الاستثمارات وبناء القدرات والكوادر وبرامج تدريبية، وخدمات حكومية الرقمية، كما اعتمدت القيام بعملية تغيير، وإصلاح هيكلى فى عدة قطاعات أهمها قطاع الاتصالات، كما تركز الحكومة المصرية بشكل كبير على تسريع عملية التحول الرقمى، ومن خلاله سيعطى فرصا كبيرة لشركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويساعد على وجود أسعار تنافسية بين الشركات، مما يسمح للقطاع الخاص والاستثمار سواء كان أجنبيا أم عربيا على الوجود فى هذا القطاع الحيوى بمصر، كما أن آفاق وفرص الاستثمار خصوصا الأجنبى فى هذا القطاع، تتضمن حلول المدن الذكية وبرامج التعليم الإلكترونى، وتطبيقات التمويل الإلكترونى والذكاء الاصطناعى والأمن الإلكترونى، والمعدات وأجهزة المراقبة والبنية التحتية للاتصالات.
وبين الخبير الاقتصادى الدكتور حسام الغايش، أنه فى ظل توجه الدولة للاهتمام بهذا القطاع، وعدد المبادرات الممهدة لتوطين صناعة الإلكترونيات والجوالات وتكنولوجيا المعلومات، يعزز من اهتمام وقابلية القطاع الخاص المحلى والأجنبى لاقتناص تلك الفرص، وهو ما يفسر النجاح فى استقطاب العلامات التجارية الشهيرة وفتح شهية المستثمرين الآخرين للوجود مع الشركات العملاقة الموجودة بالفعل، ومصر لديها اهتمام كبير بشرائح السيلكون وتصنيعها فى مصر، وهو ما قد يكون أحد العوامل التى تساعد على جذب المزيد من الشركات ليس فقط من الصين، وكوريا الجنوبية لكن أيضاً شركات أمريكية.
القيمة المضافة
من جانبه يرى د. محمد خليف، استشارى الابتكار والتحول الرقمى وعضو مجلس بحوث الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التابع لأكاديمية البحث العلمى، أن توطين هذه الصناعة فى مصر والمنطقة العربية يسهم فى تطوير القيمة المضافة، وتعميق الإنتاج المحلى فى الصناعات الإلكترونية المحلية، ويمكن مصر من تقليل اعتمادها على الواردات من المنتجات الإلكترونية الأجنبية، وتتوافق هذه المبادرة مع الأهداف الاقتصادية الأوسع المتمثلة فى الاكتفاء الذاتى والتصنيع، والمساهمة فى النمو الاقتصادى الوطنى وخلق فرص العمل، منوها أن جذب العلامات التجارية الكبرى للهواتف الذكية من الصين وكوريا الجنوبية لإنشاء مرافق إنتاج فى مصر يعد أمرا بالغ الأهمية، حيث تعتبر هذه الدول رائدة فى مجال تكنولوجيا وإنتاج الهواتف الذكية، ومن شأن مشاركتها أن تجلب تقنيات التصنيع المتقدمة، ومعايير الجودة العالية والابتكار إلى السوق المحلية، ومن الممكن أن تعمل الشراكات مع الشركات الصينية والكورية على تسهيل نقل التكنولوجيا، وتعزيز المهارات الفنية بين القوى العاملة المحلية، وتشجيع تبادل المعرفة، مما يؤدى فى نهاية المطاف إلى تعزيز القدرات التكنولوجية فى مصر.
المكون المحلى
وبدورها ترى الدكتورة وفاء على، أستاذ الاقتصاد وخبير الطاقة، أن الدولة المصرية تشهد تحولا جذريا فى الاهتمام بالصناعات التكنولوجية، التى تعتبر من القطاعات الواعدة التى تهدف بها إلى توطين الصناعة المصرية وتعميقها، بحيث يشمل المكون المحلى فيها أكثر من 50 ٪. وتعتبر صناعة الهواتف الذكية من الصناعات المستقطبة للاعبين البارزين فى السوق العالمية لعمل شراكات مع الدولة المصرية، والتى قدمت بدورها كل التسهيلات، والإجراءات اللازمة بجانب المقومات التى تمتلكها الدولة لجذب وزيادة الاستثمارات لهذا النوع من الصناعات الذكية التى لديها خاصية فى تعدد مراكز تصنيعها وتجميعها، خصوصًا أننا بوابة العبور للقارة الإفريقية للاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة، وتغطية الطلب المحلى فى نفس الوقت، وتعميق وتوطين الصناعة تعد الداعم الحقيقى للتنمية المستدامة التى نصبو إليها. |
جميع الحقوق محفوظة |