بـ٤٠٠٠ كيلومتر من الشواطئ .. مصر على خارطة «الاقتصاد الأزرق» عالميا

مع تنامى المشكلات البيئية عالميا، كثيرا ما نسمع عن الاقتصاد الأخضر، وتأثيره على البيئة والمجتمعات، إلا أن الحديث عن «الاقتصاد الأزرق»، بات الأكثر شيوعا، ورغم أن هذا المصطلح يعد أمرا جديدا على المجتمع المصرى، إلا أن المنظمات الدولية ترى أن مصر يجب أن تكون فى مقدمة الدول التى تعتمد على الاقتصاد الأزرق.

وتمتلك مصر ٤٠٠٠ كيلومتر على الشواطئ، ما يجعلها الأولى عالميا من حيث الموقع الجغرافى، لتكون رائدة الاقتصاد الأزرق فى العالم، خاصة أن مصر من أوائل الدول التى امتلكت هيئات ومؤسسات ضخمة للصناعات البحرية.
مصر على خارطة «الاقتصاد الأزرق» عالميا
ويرى الخبراء أن الاقتصاد الأزرق هو الإدارة الجيدة للموارد المائية والاعتماد على البحار والمحيطات فى التنمية المستدامة والقضاء على الفقر وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء.
وتعتبر مصر الدولة الأولى عالميا فى امتلاك شواطئ، على البحرين الأحمر والمتوسط، كما تمتلك أهم ممر ملاحى، وهو قناة السويس، ونهر النيل، بالإضافة إلى تسع بحيرات، تضم ٦٠ ميناءً كبيراً وصغيراً.
وتعد دول مثل الدنمارك والنرويج وفنلندا واليونان وسنغافورة ودبى والمغرب، من الدول الأكثر استثمارا فى «الاقتصاد الأزرق».
وتأتى أهمية الاقتصاد الأزرق فى مواجهة الأزمات العالمية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية فى العقود الماضية، والنظر إلى موارد المحيطات كمساحات تنموية، يمكن استخدامها بشكل مستدام، لتحقيق الازدهار الاقتصادى.
وكان الحديث عن «الاقتصاد الأزرق» قد بدأ عام ٢٠١٥، فى الاجتماع الوزارى لدول الاتحاد من أجل المتوسط، فى بروكسل، والبالغ عددهم ٤٣ دولة، حيث قام المشاركون بتحديد معنى الاقتصاد الأزرق، بأنه مجموعة الأنشطة البشرية التى تعتمد على البحر والمدعومة بالتفاعلات البرية والبحرية فى سياق التنمية المستدامة، ولا سيما القطاعات الصناعية والخدمية مثل تربية الأحياء المائية، مصايد الأسماك، والتكنولوجيات الحيوية الزرقاء، والسياحة الساحلية والبحرية، والشحن، وبناء أو إصلاح السفن، والموانئ، وطاقة المحيطات والطاقة البحرية المتجددة، بما فى ذلك الرياح البحرية، والتى تعد من بين القطاعات البحرية الاقتصادية التقليدية والناشئة فى حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأقر الاجتماع بأن الهدف من الاقتصاد الأزرق هو تعزيز النمو والوظائف والاستثمارات والحد من الفقر مع التأكيد على أن البحار الصحية هى عوامل محركة وعوامل تمكين على الاقتصادات الوطنية والإقليمية.
ويهتم الاقتصاد الأزرق المستدام بالحصول على قيمة من المحيطات والمناطق الساحلية، مع احترام قدرة المحيطات على المدى الطويل لتجديد مثل هذه الأنشطة وتحملها من خلال تنفيذ ممارسات مستدامة.
وعلى الرغم من أن «الاقتصاد الأزرق» قد ارتبط بالبحر الأبيض المتوسط، إلا أن المنظمات البيئية الدولية ترى أنه يعانى من نظام بيئى هش يعانى من ضغوط مختلفة مثل الصيد الجائر والتلوث والصيد غير القانونى وتدهور السواحل وتغير المناخ والقمامة البحرية، من بين تأثيرات أخرى، حيث تشير الدراسات إلى أن متوسط كثافة البلاستيك فى البحر الأبيض المتوسط هو عنصر واحد لكل ٤ أمتار، ليصبح حوضًا به تراكم كبير من حطام البلاستيك.
وفى الوقت الذى تتأثر فيه بلدان العالم بالأزمات الاقتصادية الطاحنة، فإن الاقتصاد الأزرق قد يشكل طوق نجاة طبيعية، حيث تستخدمه الدول فى توليد الكهرباء من طاقة المياه، وأنشطة التعدين فى البحار والمحيطات، والسياحة البحرية، وأنشطة صيد الأسماك والكائنات البحرية، واستخراج المواد الخام من البحار، فضلا عن كونه «مصفاة التلوث»، حيث تمتص البحار والمحيطات نحو ٥٠٪ من الانبعاثات الضارة التى تخرج من اليابسة.
وقد اعتمدت الأمم المتحدة ضمن خطة التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠ هدفا يسعى إلى الاستخدام المستدام والحفاظ على الحياة تحت سطح الماء، ويسعى إلى الحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها بشكل مستدام لتحقيق التنمية المستدامة.
وينص الهدف ١٤ من أهداف التنمية المستدامة إلى «صون المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها بصورة مستدامة لأغراض التنمية المستدامة، فى ظل تأكيد المنظمات أن دولا متقدمة مثل اليابان قد تعانى فقرا غذائيا إذا لم تمتلك أسطولا من سفن الصيد».
ويعتمد ٣ مليارات شخص حول العالم على الحياة البحرية، فى حياتهم اليومية والاقتصادية، حيث يعيش نصف سكان العالم ضمن مسافة ١٠٠ كيلومتر من البحار، كما تقع ثلاثة أرباع المدن الكبرى فى العالم على ضفاف البحار، فضلا عن أن ٩٠٪ من السلع التى تتم المتاجرة بها عالميا تمر عبر البحار، فيما توفر صناعات الاقتصاد الأزرق سبلا لكسب العيش لما يزيد عن ٨٢٠ مليون شخص فى جميع أنحاء العالم.
ويقدر الاقتصاد العالمى المستند إلى المحيطات بحدود ٣ تريليونات دولار أمريكى سنويا، مما يمثل حوالى ٥ ٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى.
ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة فإن قيمة الأنشطة الاقتصادية للمحيطات حـــول العالم تقدر بنحو من ٣ – ٦ تريليونات دولار سنوياً، ووفقا لتقديرات أخرى فإن هذه القيمة ستصل إلى ٢٤ تريليون دولار، حيث يمثل النقل البحرى الذى يمثل نحو ٩٠٪ من الأنشطة التجارية حول العالم، والاتصالات السلكية واللاسلكية العالمية حيث تحمل الكابلات البحرية نحو ٩٥٪ مـــن جميــــع البيانــات الرقمية حول العالم، كما أنها تعتبر مصدراً للغذاء لنحو ٤.٣ مليار شخص حول العالم مــع توفير أكثر من ١٥ ٪ من البروتين الحيوانى المستهلك سنويا، كما أن ٣٠٪ مـــن النفــط والغاز المستخرج حول العالم ينتج من البحار والمحيطات، ويقدر نشـــاط السياحـــة البحرية بنحو ٥٪ من الناتج المحلى الإجمالى العالمى ويعمل به نحو من ٦ – ٧٪ مــن قـوة العمل حول العالم.
وتعد الصين من أقوى دول العالم فى الاقتصاد الأزرق، حيث يمثل الاقتصاد البحرى الصينى ٩.٤٪ من الناتج المحلى الإجمالى للبلد فى عام ٢٠١٧، كما أن الصناعات البحرية بها توفـر فرص عمل لنحو ٣٥.٩ مليون شخص.


جميع الحقوق محفوظة
تصميم وتطوير شركة الحلول المتكاملة
ps-egypt.com