شباب «متطوعون» لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

التكاتف والتضامن ومساعدة الغير..مفردات أساسية فى قاموس المواطن، فهو بطبعة يندفع إلى فعل الخير ومساعدة الآخر سواء كانت تلك المساعدة فى موقف عابر أو بصورة منظمة. لذا كان التطوع خاصة بين الفئات الشابة، سمة سائدة بالمجتمع وفى ظل ظروف اقتصادية استثنائية يمر بها العالم، وقد زاد التطوع، بعد تبيان تأثيراته الإيجابية العديدة، داخل المجتمع، لذا اندفعت الدولة لاستثمار إبداع وطاقات الشباب بهذا المجال التطوعي، لتحقيق أهدافها للتنمية المستدامة.

ويستهدف العمل الطوعي، ضمن منظومة أكبر من مجالات التمكين الاجتماعى للشباب، دعم مشاركتهم فى آليات صنع السياسات وتحمل المسئوليات بالمستويات الدنيا أو ما يطلق عليه السياسات الدنيا التى تحتك بشكل مباشر بالمواطن وشواغله اليومية المعيشية، بوصفها تجربة لا غنى عنها حال الانتقال للسياسة العليا وممارسة العمل السياسى والحزبى وصنع القرار على مستويات أكبر. ما يساعد فى النهوض بالمجتمع وتحسين مستوى حياة أفراده بما ينمى مشاعر الانتماء لديهم، ويقلل من الظواهر السلبية مثل التطرف العنيف أو اللجوء للهجرة غير المشروعة. بالرغم من عدم وجود إحصاء رسمى لعدد المتطوعين، فإن التقديرات تضع هذا الرقم فى حدود 1.5 مليون شباب متطوع، ما يضعنا أمام جيش وطنى حقيقي.
كان الاعتماد على المتطوعين من الشباب هو إحدى أدوات العمل الأهلى والمجتمع المدنى الأساسية، وفى ظل تنفيذ الدولة عددا من المبادرات الكبرى التى تنطلق فى كل أنحاء الجمهورية، زادت أهمية العمل التطوعى الذى انضم إليه الآلاف من المواطنين خاصة الشباب الذين أصبحوا وقود عملية التنمية فى تلك المبادرات، وكان أهمها مبادرة «حياة كريمة» التى تهدف لتحسين حياة 60 مليون مواطن مصري، وشهدت إقبالا غير مسبوق من كل فئات المجتمع للمشاركة فى جهودها الميدانية حيث تلقت مبادرة «حياة كريمة» الآلاف من طلبات التطوع منذ انطلاقها قبل نحو 5 سنوات وحتى الآن.
على النهج نفسه الذى شهدته «حياة كريمة» سار التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى الذى ضم كيانات ومؤسسات المجتمع الأهلى والمدنى تحت مظلته واستطاع من خلال قاعدة بيانات موحدة ضمت كل المتطوعين فى هذه الكيانات أن يطلق مبادراته المليونية فى كل المحافظات ولعل أبرزها كانت مبادرة «كتف فى كتف» التى قدمت المساعدات لأكثر من 4 ملايين أسرة بإجمالى 25 مليون مواطن.
وشكل المتطوعون أهم أدوات التحالف وظهر ذلك فى جهودهم ولم يعد العمل التطوعى مجرد مشاركة موسمية فى وقت الفراغ بل أصبح له قواعد وأصول يجب أن يعيها كل من يرغب فى المشاركة، ومن جهتها قدمت الأكاديمية الوطنية للتدريب عدة برامج لتأهيل الشباب الراغب فى العمل التطوعى منها برنامج «فاليو» الذى يمتد لـ3 أيام يتعرف خلالها المتدرب على قيم التطوع والمواطنة والمسئولية المجتمعية كما يتم إجراء عدد من الزيارات الميدانية لقرى «حياة كريمة» كما أطلقت الأكاديمية البرنامج التدريبى «تعزيز قدرات الكوادر الشبابية فى العمل العام» الذى يأتى فى إطار المبادرات التدريبية التى تقدمها الأكاديمية بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة والتحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموي، بهدف تطوير قدرات الشباب بشكل فعال وثقلهم بالخبرات التنظيمية والميدانية لتعزيز قدرتهم على العمل العام والمشاركة السياسية تماشيا مع توجهات الجمهورية الجديدة وخطة القيادة السياسية لدعم وتمكين الشباب فى شتى المجالات.
نماذج تطوع الشباب المصرى الكثيرة والمشرفة لم تكتف بالعمل المحلى ولكنها امتدت وبرزت على المستوى الإقليمى وذلك خلال تجهيزهم قوافل الإغاثة التى أطلقها التحالف الوطنى للأشقاء الفلسطينيين فى قطاع غزة والتى تضمنت الآلاف من أطنان المساعدات التى جرى تجهيزها ونقلها من قبل المتطوعين فى مختلف المؤسسات.
نوه لهذا التطور هانى عبد الفتاح الرئيس التنفيذى لمؤسسة صناع الخير، عضو التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى مشيرا إلى أن التطوع هو أحد الأركان المهمة لانطلاق أى عمل أهلى احترافى يستهدف إحداث تغيير تنموى مستدام فى واقع شرائح المستهدفين، ولا يمكن للعمل الأهلى أن يحقق مستهدفاته دون قاعدة قوية من المتطوعين تتسم بالتنوع والاختيار الجيد حيث تعتمد كل مؤسسات وكيانات التحالف الوطني، ومنها «صناع الخير»، فى كل أنشطتها على بناء قاعدة بيانات كبيرة من المتطوعين ما يمكنها من أداء مهامها فى التوقيت المناسب.
 ظهر ذلك فى أحدث مبادرات التحالف  «إيد واحدة» و التى تستهدف نحو مليون ونصف مليون أسرة من المواطنين الأكثر احتياجا حيث تستعين كيانات التحالف بأعداد كبيرة من المتطوعين فى كل المحافظات لإنجاز عملية توزيع المساعدات الغذائية وإنجاز القوافل الطبية، وأيضا دعم التوعية بالقضايا الحياتية.
واعتبر عبد الفتاح، أن إيمان التحالف الوطنى بالعمل التطوعى وأهميته، انعكس بشكل واضح من خلال قانون التحالف الذى اعترف بأهمية التطوع وذكر ذلك فى مادة متقدمة من مواد  القانون وهى المادة الثالثة التى نصت على أن التحالف «يهدف إلى تعميق مفهوم التطوع فى العمل الأهلى وتنمية المجتمع، وتعبئة الجهود الفردية والجماعية لإحداث مزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية ، بالتعاون مع أجهزة الدولة المعنية عن طريق الخبرات المبذولة والمشروعات التطوعية التنموية على أداء أفضل للخدمات العامة وغيرها من برامج الحماية الاجتماعية لتحقيق العدالة الاجتماعية ، والعمل على الارتقاء بشخصية الفرد بوصفها القاعدة الأساسية فى بناء المجتمع ، وذلك كله من خلال النفاذ المباشر والمنظم للفئات المجتمعية التى تستهدفها خططه وبرامجه».
لذا، باتت الأدوار التى يقوم بها التحالف الوطنى لها ثقلها الكبير فى تعزيز قضية تمكين الشباب داخل الفضاء العام، ومشاركته فى معالجة التحديات والمشاكل التى تواجه المجتمع فى قضايا تمس الحياة اليومية، عبر مبادرات عديدة أبرزها دعم الأسر الأكثر احتياجًا فى الصعيد والقرى. جنباً إلى جنب مع الأدوار التى يقوم بها التحالف فى تحقيق التمكين الاقتصادى والاجتماعى من خلال مجموعة من المبادرات والبرامج التى تهدف إلى تطوير المجتمعات المحلية.


جميع الحقوق محفوظة
تصميم وتطوير شركة الحلول المتكاملة
ps-egypt.com