الشبكة العربية للتنمية المستدامة نقلاً عن وزارة البيئة والمياه الإماراتي: أكد معالي الدكتور راشد أحمد بن فهد، وزير البيئة والمياه أن حماية الثروات المائية الحية، وفي مقدمتها الثروة السمكية، تحتل مكانة بارزة في الامارات نظراً لارتباطها المباشر بالأمن الغذائي من جهة، ونظراً لارتباط حرفة الصيد بتراثنا الوطني وبتوفير فرص العمل وسبل العيش الكريم لنسبة مهمة من أبناء الامارات من جهة أخرى.
وقال معاليه في كلمة له بمناسبة يوم البيئة الإقليمي للمنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية، الذي يصادف اليوم، أن حماية الثروة السمكية وتنميتها تعتبر من القضايا الرئيسية في الامارات نظراً لما تتعرض له هذه الثروة الوطنية من استنزاف نتيجة لعوامل مختلفة كالصيد الجائر، والتلوث وتدمير الموائل .. وغيرها، مشيراً الى أن الصيد الجائر كان العامل الرئيسي في الاستنزاف الحاد للمخزون السمكي في الامارات، خاصة الأنواع التجارية، خلال العقود الثلاثة الماضية.
وأضاف أن وزارة البيئة والمياه تبذل، بالتعاون مع الجهات المعنية الأخرى، جهوداً مكثفة من أجل المحافظة على المخزون السمكي وتنميته، سواء من خلال التطبيق الصارم للتشريعات القائمة، لا سيما القانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1999 في شأن استغلال وحماية وتنمية الثروات المائية الحية، الذي يستهدف بصورة أساسية التصدي للصيد الجائر لهذه الثروات، أو من خلال التوسع في حماية الموائل والأماكن التي تشكل ملاذاً للثروة السميكة عن طريق التوسع في إنشاء المناطق البحرية المحمية وتأهيل الموائل المتضررة والتوسع في زراعة أشجار القرم التي توفر ملاذات مهمة للأسماك والكائنات البحرية الأخرى، أو من خلال تقييم التأثيرات البيئية للمشروعات التنموية خاصة على الشريط الساحلي، أو من خلال مكافحة التلوث في البيئة البحرية، إضافة إلى توعية الصيادين بأهمية الممارسات الرشيدة بطرق الصيد ومواسمها وأدوات الصيد المستخدمة، وتوعية المستهلكين بأهمية اختيار الابتعاد عن الاستهلاك المفرط للأنواع المهددة من الأسماك، مشيداً معاليه بالدور المهم الذي تقوم جمعيات الصيادين المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد في حماية الثروة السمكية وتنميتها.
كما تعمل الوزارة على تعزيز المخزون السمكي عن طريق طرح أصبعيات الأسماك وصغار الأسماك بصورة دورية في البيئة البحرية، خاصة الأنواع المرغوب فيها وذات الجدوى الاقتصادية، حيث بلغ عدد الأصبعيات التي تم طرحها في السنوات الماضية حوالى 2.5 مليون أصبعية، بالإضافة إلى الاهتمام بصناعة الاستزراع السمكي، فهناك حالياً 7 مزارع سمكية مسجلة لدى الوزارة تنتج حوالى 220 طناً من أنواع الأسماك المختلفة.
واستطرد معاليه قائلاً: أن احتفال دول المنظمة الإقليمية بيوم البيئة الإقليمي تحت شعار "الطحالب والثروة السمكية" يأتي في إطار التذكير بالعلاقة المترابطة بينهما. فالطحالب البحرية هي عبارة عن مجموعة من الكائنات الحية ذاتية التغذية تقوم بعملية البناء الضوئي وتعيش في المياه العذبة والبحار والمحيطات، ونظراً لتعدد أنواعها فهي تمثل نموذجاً متميزاً للتنوع الحيوي البحري، وتمثل عنصراً أساسياً في السلسلة الغذائية، إذ توفر الغذاء للعديد من الاحياء البحرية، وتوفر الموئل الطبيعي لعدد كبير من الانواع التي تقوم بالتكاثر وحضانة صغارها في بيئتها مثل الروبيان والعديد من انواع الاسماك، إضافة الى فوائدها الغذائية والطبية للإنسان والبيئة باعتبارها أحد مصارف غازات الاحتباس الحراري.
وفي مقابل تلك الفوائد فإن العلماء يشيرون الى أن هناك نسبة لا تتعدى 2% من انواع الطحالب لها أضرار جانبية عند ازدهارها بكثافة عالية، حيث يُعدُّ هذا الازدهار عاملاً في نشوء ظاهرة المد الأحمر التي تتسبب في نفوق الأحياء المائية وغيرها من الأضرار الاقتصادية، مذكراً معاليه بحالات المد الأحمر التي تسارعت وتيرة حدوثها في السنوات القليلة الماضية في الامارات وغيرها من دول المنظمة، حيث قامت وزارة البيئة والمياه في عام 2009 بوضع خطة وطنية متكاملة للتعامل مع هذه الظاهرة ترتكز على محورين أساسيين هما: رصد ومراقبة وإدارة المد الأحمر، والإنذار المبكر. وقامت الوزارة، في إطار هذه الخطة، بتنفيذ العديد من البرامج، من بينها: إجراء مسوحات لرصد ومراقبة الهائمات النباتية المسببة للمد الأحمر والعوامل البيئية المصاحبة لها في مختلف مناطق الدولة عن طريق إنشاء محطات رئيسة للرصد في مناطق محددة على سواحل الدولة المطلة على الخليج العربي وبحر عمان. وكذلك تنفيذ برنامج لتقييم آثار المد الأحمر على محطات تحلية مياه البحر ومياه الشرب المحلاة، وبرنامج لتحديد التوزيع الجغرافي للصدفيات، وبرنامج لرصد وتقييم السموم الحيوية.
وتعكف الوزارة في الوقت الحالي على تنفيذ باقي البرامج المحددة ضمن الخطة، ومنها: برنامج لتحديد معايير إنشاء المزارع السمكية وحمايتها من تأثيرات المد الأحمر، وبرنامج لتطوير النمذجة الرقمية، وبرنامج استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد، والمنتظر استكمالها بنهاية العام الحالي.
وفي نفس الإطار قامت الوزارة بتطوير مختبر متخصص لتصنيف الهائمات النباتية التي قد تسبب المد الأحمر، ومختبر لقياس نسب المغذيات في مياه البحر، بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من الدورات التدريبية وورش العمل لبناء وتنمية القدرات العاملة في هذا المجال على المستويين الوطني والإقليمي.
وفي خطوة مهمة لتأكيد اهتمامنا بحماية بيئتنا البحرية بشكل عام، وثرواتها الحية بشكل خاص، قمنا في الأسبوع الماضي بتدشين الأعمال الإنشائية لمركز الشيخ خليفة بن زايد للأبحاث البحرية في أم القيوين ضمن مبادرات صاحب السمو رئيس الدولة (حفظه الله) بتطوير البنية التحتية في الإمارات .
ومن المنتظر أن يشكل هذا المركز، الذي أعلن عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أل مكتوم، نائب رئيس الدولة - رئيس مجلس الوزراء - حاكم دبي (رعاه الله) في وقت سابق بكلفة تبلغ 75 مليون درهم، اضافة نوعية في مجال تطوير البحوث والدراسات العلمية المتعلقة بحماية البيئة البحرية وثرواتها الحية بما يتوفر له من إمكانيات بشرية ومادية متطورة، حيث سيعمل المركز على ضمان التغذية المستمرة للمحميات الطبيعية بأصبعيات الأسماك على امتداد سواحل الدولة، بالإضافة إلى تشجيع ودعم المزارع السمكية المحلية وتعزيز المخزون السمكـي من خلال طرح صغار الأسماك في الخيران ومواقع تكاثر الأسماك ومكافحة التلوث والمد الأحمر، مشيرا إلى أن ذلك يأتي كجزء من استراتيجية الأمن الغذائي الوطني والمحافظة على الموارد البحرية .
وفي ختام تصريحه شدد معالي الوزير على أهمية تضافر الجهود على المستويين الوطني والإقليمي من أجل حماية البيئة البحرية بشكل عام وثرواتها الحية وفي مقدمتها الثروة السمكية بشكل خاص والتصدي لكل أشكال الصيد الجائر للثروات البحرية، مؤكداً على ضرورة أن يظل هذا الأمر في مقدمة أولويات دول المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية نظراً لارتباطه المباشر بسياسات تعزيز الأمن الغذائي وتراث أهل المنطقة.