الشبكة العربية للتنمية المستدامة نقلاً عن المشهد: أثار قرار مجلس الوزراء بالموافقة على استخدام الفحم فى توليد الطاقة الكهربائية اللازمة، لتشغيل مصانع الأسمنت مع تعهدها بالالتزام بالضوابط والمعايير البيئية اللازمة، ترحيب البعض وخاصة وزير الصناعة والتجارة والاستثمار منير فخرى عبد النور، الذى طالب بتطبيق ذلك منذ البداية لتوفير الطاقة المستخدمة فى مصانع الأسمنت.
كما رحب أصحاب مصانع الأسمنت التى عانت لفترات طويلة من نقص إمدادات الغاز الطبيعى منذ نهاية أغسطس الماضى، بينما رفضت وزارة البيئة استخدام الفحم، لما له من آثار ضارة على البيئة، كما رفض القرار بشدة المنظمات المعنية بحماية البيئة، ودشن نشطاء على موقع التواصل الاجتماعى هاشتاج بعنوان "ضد الفحم"، للمطالبة بتراجع الحكومة على هذا المطلب، مساندين ما أدلت به وزيرة البيئة الدكتورة ليلى إسكندر، من تصريحات، تتضمن عدم موافقتها على استخدام الفحم كطاقة بديلة، مشيرة إلى أن استخدام الفحم فى مصانع أوروبا، سيتوقف بحلول عام 2040.
وانتقد خبراء ومتخصصون ومستثمرون فى مجال السياحة القرار بشدة، معتبرين أن استخدام الفحم كمصدر للطاقة سيؤدى إلى زيادة معدلات التلوث، معربين عن تخوفهم من الآثار التى يمكن أن تضر بمشروعاتهم فى نتيجة لهذا القرار، مستندين كذلك على ما أدلى به وزير السياحة هشام زعزوع بأن "الفحم والسياحة لا يتفقان".
ويُعد الحفاظ على البيئة من المعايير الرئيسية التى على أساسها يتم تقييم الدول الجاذبة للسياحة، حيث تهتم منظمة السياحة العالمية، والمؤسسات الدولية بقياس جودة البيئة فى الدول الجاذبة للسياحة، وكانت مصر قد حصلت على مرتبة متدنية العام الماضى، فى تنافسية السياحة، ضمن تقرير التنافسية العالمى، حيث احتلت المرتبة 121 من 141 دولة فى ثانى أهم مؤشر فى مؤشر تنافسية السياحة، وهو مؤشر الحفاظ على البيئة (استدامة البيئة)، ويهدف هذا المؤشر إلى قياس مدى حفاظ المنشآت العاملة فى القطاع على البيئة، واستخدام ما يعرف بالطاقة الخضراء، وهى الطاقة التى لا تعتمد على المصادر التقليدية للوقود، وهى التى يستخدمها نحو 80 فندقا ومنتجعا سياحيا فى مصر من بين أكثر من ألفى فندق ومنتجع سياحى بمصر.
وكان الاتحاد المصرى للغرف السياحية، قد أعلن رفضه لاستيراد واستخدام الفحم فى توليد الطاقة، مؤكدًا أن هذا الإجراء خطر داهم على صناعة السياحة بجانب الخسائر الفادحة التى سيتسبب فيها، مطالبا بالاعتماد على الطاقة البديلة والمتجددة والتى تتمتع فيها مصر بإمكانات هائلة.
وتعليقًا على هذا القرار فى البداية، قال الدكتور حمدى عبد العظيم الخبير الاقتصادى، فى تصريحات خاصة لـ"المشهد"، "إن تكاليف استيراد الفحم من الخارج، بالإضافة إلى تكاليف معالجته بيئيًا لتجنب آثاره الضارة، ستقلل من الاحتياطى النقدى بالبنك المركزى كما أنها ستكلفنا عملة صعبة مع انخفاض قيمة الجنيه المصرى"، مقترحـًا أن تقوم الحكومة بعمل مشروع استثمارى بمشاركة مستثمرين عرب أو أجانب لتطوير تكنولوجيا تجنب الآثار الضارة من استخدام الفحم فى توليد الكهرباء وعمل المعالجة البيئية اللازمة بحيث لا نضيف أعباء مالية إضافية على الحكومة، وتقوم الحكومة بوضع الضوابط والتراخيص والتسهيلات اللازمة لإقامة المشروع.
وأضاف أن مشكلة استخدام الفحم فى مصانع الأسمنت هى المشاكل البيئية التى ستنتج عن استخدامه فضلاً عن تلويث الهواء، كما أن هناك اعترضات من جانب وزارة البيئة بشأن هذا القرار، ولكن لو قمنا بتطوير أساليب تكنولوجية للتقليل من التلوث فمن الممكن تفادى بعض المخاطر فهناك 75% من دول العالم تستخدم الفحم فى توليد الكهرباء .
وأرجع عبد العظيم لجوء الحكومة إلى استخدام الفحم، لنقص الطاقة فى مصر فنحن مضطرون لتصدير الغاز الطبيعى برغم أننا فى أمس الحاجة له، وذلك لارتباطنا باتفاقيات وشروط لا يمكن إلغاؤها، كما يتعذر علينا اللجوء إلى مصادر أخرى لتوليد الكهرباء كطاقة الرياح أو الطاقة النووية، لأنها ستتطلب سنوات لتطبيقها فى مصر .
بينما قال الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها فى تصريحات لـ"المشهد"، إن الحكومة الحالية لجأت إلى أسوأ تصرف لمعالجة نقص الطاقة باللجوء إلى شىء توقف العالم عنه، ألا وهو استخدام الفحم كبديل للطاقة، فبدلا من أن تتخذ إجراءات صارمة مع شركات الأسمنت التى رفعت أسعارها بشكل غير مبرر بعد بيع معظم هذه الشركات للأجانب ماعدا الشركة القومية للأسمنت، فقد تم تحديد تكلفة الأسمنت بـ230 جنيهًا شاملة ضريبة المبيعات، بينما يباع الآن بأسعار بين 600 إلى 800 جنيه .
وأضاف النجار أن استخدام الفحم سيؤدى إلى نتائج عكسية على تجارة الأسمنت الذى سيرتفع بدلا من أن ينخفض، كما أن مصر لا تملك الإمكانيات المادية ولا التكنولوجية الكافية لتفادى الأضرار البيئية التى ستنتج عن استخدام الفحم .
ومن جانبها، قالت آمال طه سيد، المتحدث الإعلامى لوزارة البيئة، تعليقـًا على قرار استخدام الفحم، "إننا لم نتشاور مع رئيس الوزراء حتى الآن، هذا وقد سبق وتقدمت الدكتورة ليلى إسكندر وزيرة البيئة لمجلس الوزراء بدراسة حول المزيج فى أوروبا، واﻻشتراطات والمعايير المطبقة فى أوروبا، وإمكانية تطبيقها فى صناعة الأسمنت بمصر والمخاطر البيئية لاستخدام الفحم".