الشبكة العربية للتنمية المستدامة نقلًا عن جريدة الدستور: تكافح مصر من أجل أن تصنع لأبنائها مستقبلا واعدا وخاليا من المخاطر، واتخذت طريقا ليس بالهين، لإعادة البناء والتطوير ورفع كفاءتها فى عدة مجالات، حتى تستطيع الوصول إلى صفوف الدول الصاعدة.
ولهذا ألزمت نفسها بتبنى أهداف التنمية المستدامة، أحد محاور مؤتمر شباب العالم بشرم الشيخ، خلال ترؤس الرئيس عبدالفتاح السيسى وفد مصر فى الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة فى سبتمبر من عام ٢٠١٥.
واجتمعت دول العالم فى الأمم المتحدة فى يناير ٢٠١٦ لتحديد أهداف رؤية التنمية المستدامة لعام ٢٠٣٠، ذات الأولوية لمعظمهم، وهى ١٧ هدفا، تضمنت القضاء على الفقر والجوع، والاهتمام بالصحة وجودة التعليم، والحفاظ على موارد الطاقة النظيفة بأسعار معقولة، والعمل على تعزيز قيم العدل وتقوية المؤسسات.
وتعرف الأمم المتحدة التنمية المستدامة بأنها التنمية التى تعزز الازدهار والفرص الاقتصادية وزيادة الرفاهية والعدل الاجتماعى وحماية البيئة، كما أنها التنمية التى توفر أفضل السبل لتحسين معايش الناس فى كل مكان دون الإفراط فى استغلال مصادر الثروات الطبيعية، تلبية للحاضر، دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها.
وتمثل التنمية المستدامة فرصة جديدة لنوعيّة النمو الاقتصادى وكيفيّة توزيع منافعه على طبقات المجتمع كافة، وليست مجرّد عمليّة توسع اقتصادى، وتفرض نفسها كمفهوم عملى للتحديات التى تواجه البشرية فى تحقيقها. وتأخذ مؤشرات تحقيق التنمية المستدامة فى طياتها حقوق الإنسان الاجتماعية والصحية والبيئية والاقتصادية.
وعملت مصر على رسم ملامح مستقبلها باستراتيجية مصر ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة على ٣ أبعاد رئيسية، تتوافق مع الأهداف العالمية وتقع فى إطار العمل والتعريف الدولى للتنمية المستدامة.
وجاءت استراتيجية مصر ٢٠٣٠ بأبعاد تسهم فى تحقيق الآمال المصرية لمستقبلها ومستقبل أولادها، وهى البعد الاقتصادى والبعد الاجتماعى والبعد البيئى. وتضم تلك الأبعاد محاور تنموية تشمل جميع المجالات التى تمثل أولوية لمستقبل مصر ومواكبتها للعصر الحالى، حيث تتمثل الرؤية الاستراتيجية للتنمية المستدامة فى مصر حتى عام ٢٠٣٠ فى الاقتصاد، والمجتمع، وتحسين مستويات الابتكار والإبداع، والحفاظ على البيئة، والتنمية العمرانية.
ولتحقيق ذلك، شملت الاستراتيجية خططا ليصبح الاقتصاد المصرى اقتصاد سوق منضبطا، يتميز بالاستقرار والقدرة على تحقيق نمو بشكل مستدام، كما يتميز بالتنافسية فى السوق العالمية ويعتمد على المعرفة، حتى يصب ذلك فى ارتفاع مستوى دخل الفرد، وانخفاض معدل البطالة.
وفى المحور الثانى فى البعد الاقتصادى، وهو محور الطاقة، فخطة مصر فى هذا المحور مبنية على جعل قطاع الطاقة فى مصر قادرا على تلبية كافة متطلبات التنمية المستدامة من موارد الطاقة والحفاظ على أمن موارد الطاقة بمصر، بما يسمح بزيادة مساهمة القطاع فى الناتج المحلى وخفض كثافة استهلاك الطاقة مع الحد من الأثر البيئى، ولهذا نجد مجهودا فائقا من الدولة لجذب الاستثمارات والتدفق الأجنبى فى قطاع الطاقة، ويأتى هذا المجال على رأس مجالات التعاون المشترك بين مصر والبنك الدولى وألمانيا.
وتهدف استراتيجية ٢٠٣٠ إلى اعتماد الاقتصاد المصرى على المعرفة فى المحور الثالث من البعد الاقتصادى، ويتحقق ذلك من خلال تهيئة البيئة التشريعية والاستثمارية والتمويلية والبنية التحتية لتعظيم الإنتاج المعرفى ورفع كفاءة الإنتاج الإبداعى والبحث والتطوير. ولتحقيق هذا البعد من التنمية المستدامة لمصر، تضمنت الاستراتيجية جزءا هاما يتعلق بتطوير الجهاز الإدارى للدولة فى محور الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية.
ويمثل البعد الاجتماعى الجزء الأكثر أهمية للمواطن المصرى، حيث يمس هذا الجزء حياته اليومية، وتطلعاته المستقبلية.
ويضم هذا البعد من الاستراتيجية، محاور العدالة الاجتماعية، والصحة، والتعليم، والتدريب، والثقافة، وتتمثل فى بناء مجتمع عادل متكاتف يتميز بالمساواة فى الحقوق والفرص الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبأعلى درجة من الاندماج المجتمعى، فى ضوء سيادة القانون وحماية الفئات الأقل حظا.
ولكن هناك معوقات وثغرات تُعيق تنفيذ خطط التنمية المستدامة فى العالم بوجه عام، حسبما رصدت تقارير الأمم المتحدة، حيث تواجه بعض الدول صعوبة فى تمويل أهداف التنمية المستدامة، بضعف الضمانات فى النظام المالى العالمى، وصعوبة الجمع بين مصالح الشركاء المختلفين.
ولكن وجدت تقارير الأمم المتحدة إمكانية تحقيق ذلك بتطبيق الحوكمة والاعتماد على التمويل الوطنى ومؤسسات المجتمع المدنى للمساهمة فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل يصب فى صالح المواطن بشكل مباشر.