الشبكة العربية للتنمية المستدامة نقلًا عن SciDev.Net الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: حذر علماء من أن ترسيخ عدم المساواة الاقتصادية، والضغوط المتزايدة الناجمة عن تغيُّر المناخ وفقدان التنوع البيولوجي يهددان بإبعاد العالم عن المسار الصحيح للوفاء بمجموعة من أهداف التنمية المستدامة عند حلول عام 2030.
فقد اجتمع 15 عالمًا يشكلون المجموعة المستقلة بدعوة من الأمم المتحدة؛ لتَدارُس التقدم المُحرَز نحو تحقيق الأهداف التي اعتُمدت في عام 2016، وأعدوا تقريرًا صدر في 11 سبتمبر الجاري.
يقول التقرير إن هذه الأهداف لا تزال في متناول اليد، لكن ليس من دون إجراءات حازمة ومتضافرة للحد من أوجه عدم المساواة الاجتماعية والجنسانية، وتغيير علاقة المجتمع بالبيئة الطبيعية على نحوٍ جذري.
يأتي هذا التقييم في الوقت الذي يجتمع فيه قادة العالم في نيويورك هذا الأسبوع لحضور دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة 74، التي تتضمن قمةً حول العمل تجاه المناخ، وأول اجتماع رفيع المستوى حول التغطية الصحية الشاملة، وكلاهما في 23 سبتمبر.
وسيجري إطلاق التقرير رسميًّا في قمة أهداف التنمية المستدامة، التي ستُعقد يومي 24 و25 سبتمبر.
للأسف فإن ”الاتجاهات الأكثر اتساعًا تهدد بتقويض التقدم على نطاق رحب، بل وعكس [وجهته]“، كما يقول شانتانو موخرجي، رئيس فرع السياسات والتحليل المتكامل، التابع لشعبة أهداف التنمية المستدامة بالأمم المتحدة.
ويضيف موخرجي: ”هذا يهدد بدفع العالم إلى نقطة تحول، بعدها تتغير الأرض تمامًا. عند ذلك الوقت، سيكون أوان التكيُّف قد فات“.
تحت عنوان ”المستقبل الآن: العلم من أجل تحقيق التنمية المستدامة“ صدر التقرير، حاثًّا الدول في جميع أنحاء العالم على أن تعمل لتصعيد الإجراءات الرامية إلى معالجة الفقر وإنتاج الغذاء بطريقة أكثر كفاءة؛ للحد من الهدر وزيادة الأمن الغذائي.
وجاء فيه أنه ينبغي إعادة تطوير المدن؛ لتقليل التلوث، وتحسين الصحة، وزيادة فرص الحصول على طاقة أنظف وأكثر بأسعار معقولة، وتعزيز إدارة الموارد الطبيعية.
وأضاف التقرير أن هذه التغييرات يجب أن يدعمها العلم، مع زيادة الاستثمار في البحوث المستدامة والمؤسسات العلمية، لا سيما في الجزء الجنوبي من العالم.
وحذر من أن زيادة استهلاك السلع لم تعد ”خيارًا قابلًا للتطبيق“.
كذلك حذر العلماء من أنه إذا ظلت التوقعات الخاصة باستهلاك المواد حتى عام 2060 على ما هي عليه، فستتضاعف من 89 جيجاطن (المواد المستخدمة سنويًّا في الوقت الحالي) إلى 167 جيجاطن، ومن ثم، سوف تتزايد انبعاثات غازات الدفيئة وغيرها من المنتجات الثانوية السامة.
وفي حين عزَّزت نماذج التنمية الحالية الثروة والازدهار على نطاق واسع في العقود الأخيرة، فإنها أيضًا ”أدت إلى استمرار الفقر، وإلى مستويات غير مسبوقة من اللامساواة، التي تقوِّض الابتكار، والتماسك الاجتماعي، والنمو الاقتصادي المستدام“.
هذا العجز عن التقدم كان مدفوعًا برفض جماعي للاعتراف بمدى إلحاح تدهور الغذاء والصحة، والنظم الاقتصادية، وكذلك الطبيعة المترابطة لهذه النظم، كما يقول بيتر مسيرلي، رئيس لجنة التقرير المشارك، ومدير مركز التنمية والبيئة بجامعة برن السويسرية.
ويردف ميسرلي: ”نحن نقف عند مفترق طرق؛ حيث يمكننا [إما] الاستمرار في محاولة وضع علامة [الإنجاز] أمام ما يتحقق من أهداف التنمية المستدامة، أو اختيار مقاربة أكثر جمعية وإستراتيجية“.
و”لن تكون هذه رحلة سهلة. إننا نرمق أن ثمة مصالح قوية ومكتسبة لا تريد أن ترى التغيير. لكن هذا التقرير يوفر معلومات حول المعرفة الحالية للرافعات، التي يمكن استخدامها للتعامل مع الفائزين والخاسرين من هذه التغييرات التي نحتاج إليها بشدة“.
يوجز التقرير 20 دعوةً إلى العمل من أجل تسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في العقد المقبل، التي تتضمن التغييرات الأساسية في النظام الغذائي؛ للحد من التأثير البيئي على إنتاج الغذاء.
هذه الدعوات إلى العمل لا يُقصد منها أن تكون إضافية، وإنما المقصود أن تكون تحويلية، كما يوضح إنداه مورننجينياس، الرئيس المشارك للتقرير، والنائب السابق لوزير التخطيط الإندونيسي.
يقول مورننجينياس: ”يجب على المنظمات متعددة الجنسيات والحكومات والسلطات العامة تبنِّي هذا التقرير بوضوح؛ دليلًا على تخطيطهم لتسريع أجندة 2030“.
و”يجب على كل دولة ومنطقة تصميم سياسة ودمجها سريعًا لتلبية احتياجاتها الخاصة، فهذا سيسهم أيضًا في التحول العالمي الضروري. المستقبل يتحدد بالعمل الذي نعمله جميعًا الآن“.
ويضيف موخرجي: إن هناك عددًا من الخطوات يمكن أن تصحح هذا المسار ”في حدود قدراتنا الحالية، ولكن يجب أن نبدأ الآن“.
من جانبه، فإن باتريك شرودر -من كبار زملاء بيت تشاتام، ويدرس ممارسات الاقتصاد الدائري لزيادة الاستدامة- يعتقد أن التعاون الدولي الذي يحث عليه التقرير أمر بالغ الأهمية، لكنه غير موجود حاليًّا.
ويقول شرودر لشبكة SciDev.Net: ”من دون التعاون على أنظمة تحسين نقل التكنولوجيا وبناء القدرات وتطوير السياسات المشتركة، لن تكون أهداف التنمية المستدامة قابلة للتحقيق“.
”ولسوء الحظ، فإن المناخ السياسي الحالي لا يفضي إلى هذا التعاون. وإذ أقول هذا، فإن ثمة تعاونًا يحدث، يحتاج فقط إلى أن يكون أكثر تأثيرًا“.