التنمية المستدامة بين الحق والترف

الكاتب : د.فريال حجازي العساف الاثنين 10 أغسطس 2020 الساعة 02:31 مساءً

الشبكة العربية للتنمية المستدامة نقلًا عن الدستور: لم تعد مسألة دمج حقوق الانسان في اعمال التنمية المستدامة ترفاً بل اضحت هدفاً حقوقياً على مستوى محليَ وإقليميَ ودوليَ، تسعى الى تحقيق الشعار الذي رفعته دول العالم بعدم ترك أي أحد في الخلف، يأتي ذلك من الاستناد على أن حقوق الانسان تشكل الأساس والنتيجة في آنٍ واحدٍ لأهداف التنمية المستدامة وما يتصل بها من سياسات وبرامج وخطط تنموية داخل أيَ مجتمعٍ في أيً بلدٍ من بلدان العالم.

إذ تُعتبر عملية حماية الحقوق واحترامها وتعزيزها أحد أهم الآليات للتغلب على العقبات والتحديات التي تواجه الدولة في عملية إنفاذ أهداف التنمية المستدامة حيث ان التبعات والوفاء بهذه الحقوق هو ابرز مظاهر انجازات التنمية ونجاحها.
يعكس الإطار المعياري للحق في التنمية نقطة مرجعية  لتقييم  وترجمة الالتزامات الواقعة على الدولة  عند العمل على إعمال الحق بالتنمية اذ ورد في  المادة الثانية من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التأكيد على الالتزامات الاساسية للدول الاطراف لكفالة الحقوق الواردة في العهد من خلال الحث على اعتماد تدابير تشريعية  والعمل على ضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق،  بأقصى ما تسمح به موارد الدولة من الاعتراف والعمل على تطبيق مبدا المساواة وعدم التمييز و التعاون والمساعدة بتحقيق الالتزامات المتعلقة  بالأعمال الاحترام  والحماية.
فعندما تم ربط التنمية المستدامة بحقوق الانسان ، انتقل التركيز على اشباع حاجات الافراد من منطلق ماديَ الى مبدأ حقوقيَ  يتحقق بموجب القانون والمعايير الدولية لحقوق الانسان،  يأتي ذلك بالتطبيق التدريجي  في ضوء الإمكانات المادية والاقتصادية والاجتماعية المتاحة للدولة  ومن خلال السعي الى تمكين الأفراد والمجتمعات في المشاركة بصنع السياسات والمساهمة بتنفيذها من منطلق تفعيل عنصر المشاركة الفعالة لمختلف الاطراف - افراد ومنظمات مجتمع مدني وحكومات-  من اجل الوصول الى تكافؤ الفرص ومبادئ العدالة  عند الاخذ بالانتفاع و توزيع مقدرات التنمية و لضمان العيش بكرامة للأجيال الحالية والاجيال القادمة.  
لقد شكل إدماج حقوق الانسان بأهداف التنمية المستدامة علامة فارقه في مجال حقوق الإنسان والتنمية؛ يأتي ذلك في المنهج الذي ارتكزت عليه خطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي هدفت الى تحقيق التوازن بين الابعاد الثلاثة للتنمية المستدامة: البعد الاجتماعي، البعد الاقتصادي والبعد البيئي والتي شكلت الإطار الشامل لتوجيه العمل الإنمائي .
وهنا ونحن  نقف على أعتاب العشرية الأخيرة لإنفاذ اهداف التنمية المستدامة والتي على ضوئها سيتم النظر في إعادة ترتيب وتصنيف الدول بين متقدمة ومتوسطة ومتأخرة،  وعلى الرغم من  تقديم الأردن تقريره الطوعي الأول حول ما تم انفاذه من أهداف التنمية المستدامة ، إلا اننا لا زلنا نعاني من جملة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية والمؤسساتية في الوصول الى  تكافؤ الفرص والتوزيع العادل  في توزيع   مقدرات التنمية اذ لا زالت تسجل بالارتفاع معدلات  الفقر والبطالة وارتفاع علامات التغير المناخي و التصحر البيئي وارتفاع المديونية  وعجز الموازنة في ظل ضعف مؤشرات  قياس  واضحة  ومحددة  لكل هدف من أهداف التنمية المستدامة  السبعة عشر  .
ومن هذا المنطلق نحن مطالبون جميعاً  بتعزيز المسؤولية المجتمعية ومن منطلق المضمون المعياري للحق بالتنمية المستدامة للمساهمة في انفاذ أهداف التنمية المستدامة من خلال  إعادة  تجميع ما  تم تحقيقه من منجزات  في مختلف الأهداف  والمساهمة في صنع السياسات  والخطط والبرامح  القابلة للقياس والمبنية على  أساس التكيف المرن  لتكون باستطاعتها مواجهة  التغيرات والتحديات التي يمكن ان  تواجهها إضافة الى العمل على  تفعيل آليات الرقابة  المؤسسية لمحاربة جميع  أوجه الفساد  الذي  يعتبر  عقبة  في  تحقيق  التنمية الوطنية  القائمة على العدالة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون.

عدد التعليقات 0

     
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل الرقم التالي