وزيرة البيئة المصرية لــ«الشروق»:الحكومة لم تسمح باستخدام الفحم

الكاتب : إدارة الموقع الأربعاء 12 مارس 2014 الساعة 01:51 مساءً

الشبكة العربية للتنمية المستدامة نقلاً عن الشروق: طالب رئيس الوزراء إبراهيم محلب وزارة البيئة بمراجعة مزيج الطاقة المستخدم فى صناعة الأسمنت المصرية، ليتواكب مع المزيج المستخدم فى أوروبا، مع مراعاة تطبيق شروط السلامة البيئية الأوروبية، وكلف الوزارة بالانتهاء من وضع هذا التصور خلال أسبوعين. فما هى أهم ملامح هذا المزيج؟

ـ الوزيرة: مطلوب من وزارة البيئة أن تعد خلال أسبوعين تصورا عن مزيج الطاقة المناسب لصناعة الأسمنت فى مصر، مبنيا على الخبرة الأوروبية فى هذا المجال، فى مقابل المزيج الحالى المطبق فى تلك الصناعة (49% غاز، و47% مواد بترولية، بحسب بيانات وزارة البترول). البعض يتحدث وكأن هذا يعنى أن الصناعة ستعتمد على الفحم، ولكن المقصود هو مزيج من عدة أنواع من الطاقة، بما فيها الجديدة والمتجددة، ونحن نعمل على وضعه بالفعل بالتعاون مع خبراء من مختلف أنحاء العالم، نبحث المزيج المناسب والاشتراطات البيئية المطلوب وضعها للسماح باستخدام الفحم.

  •  ألم تكن هناك لجنة وزارية موسعة لدراسة أثر استخدام الفحم كوقود، وكان موعد الانتهاء من دراستها فى إبريل المقبل؟

ـ الوزيرة: نعم هناك بالفعل لجنة من 7 وزارات تدرس الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لاستخدام الفحم كمصدر للطاقة فى مصر، تم تشكيلها خلال تولى حكومة الببلاوى، ويرأسها عصام حجى، مستشار رئيس الجمهورية للبحث العلمى. وكان من المنتظر أن تنتهى هذه اللجنة من الدراسات خلال إبريل المقبل، إلا أنه مع تولى محلب المسئولية، طلب التعجيل بتلك الدراسة لتقدم نتائجها فى نهاية مارس، ونحن مستمرون فى العمل عليها لأنها دراسة أشمل لا تقتصر على قطاع الأسمنت.

إلا أن شكوى قطاع الأسمنت من تراجع كميات الطاقة المتوافرة لهم واجتماعهم برئيس الحكومة فى مطلع الأسبوع دفعت رئيس الوزراء لمطالبتنا بدراسة منفصلة لقطاع الأسمنت تسمح بتنويع مزيج الطاقة الخاص بهذه الصناعة.

  •  يتم طرح الفحم أيضا كبديل سريع لحل الأزمة مقابل بدائل أخرى تأخذ وقتا أطول لا تتحمله الأمور فى رأيهم، فما هى حقيقة هذا التصور فى إطار الترتيبات البيئية التى يجب اتخاذها لادخال الفحم كمصدر للطاقة فى مصر؟

ـ الوزيرة: نعم البعض يدعى أن استخدام الفحم فى الصناعة ممكن خلال ستة أشهر، لكن المؤكد أن كل العالم المتقدم يقول إن إعداد الموانئ والبنية التحتية اللازمة لاستخدام الفحم وتطبيق معايير الأمان التى يجرى الحديث حولها يستغرق سنوات، بينما صرح وزير الصناعة قبل أيام بأن العمل به يمكن أن يبدأ فى سبتمبر، ووزارة البيئة تتعجب من هذا الكلام.

وفى كل الأحوال فإن مصانع الأسمنت التى تعمل بالغاز فى الوقت الحالى لا تلتزم بالمعايير البيئية المفروضة عليها، لذلك أن نأمل أن يبدأوا فى الالتزام لنطمئن إلى أنهم سيطبقون المعايير الجديدة فعلا مع تغيير مزيج الطاقة الحالى.

ـ سمير موافى: رغم أننا غير متفقين مع ما يطرحه مصنعو الأسمنت خلال الشهور الماضية من أن البنية التحتية لاستخدام الفحم فى الصناعة ستستغرق عاما ونص فقط، فبعض المستثمرين لم ينتظر أصلا سماح الحكومة باستخدام الفحم كوقود أو تأسيس تلك البنية، وبدءوا فعلا فى استيراده واستخدامه جزئيا، كما فعلت شركة لافارج التى رفعت الوزارة ضدها دعوى قضائية. وبالتالى فالبنية المطلوبة لتحقيق معايير الأمان يتم النظر إليها باستهانة.

  •  يقدم بعض المصنعين والمسئولين فى الدولة الفحم باعتباره الحل لأزمة الطاقة الحالية، لعدة أسباب أهمها انخفاض سعره مقارنة بالبدائل الأخرى، الأكثر أمانا للبيئة، فما مدى صحة هذا الطرح؟

ـ الوزيرة: الترويج الأساسى للفحم مثلا قائم على أنه وقود رخيص بالنسبة لمصر، وهذا ليس صحيحا. فسعر الخام عند خروجه من المنجم فى بلاده 4 دولارات للمليون وحدة حرارية، تضاف إليه تكلفة النقل، وتكلفة البنية التحتية، ثم التكاليف الأخرى التى يوجد عليها خلاف، وهى التكلفة الصحية والبيئية المترتبة على استخدام الفحم فى الصناعة، بالإضافة لتكلفة الفرصة البديل، حيث إن كل جنيه يتم استثماره فى هذا النوع من الوقود يسحب الفرصة من توجيهه للاستثمار فى الطاقة الجديدة والمتجددة.

فإذا سألتم أصحاب المصانع التى ترغب فى استخدام الفحم عن هذه التكلفة فسيقولون إن وزارة البيئة قد احتسبتها خطأ، لأن هذه عناصر خارجية لا علاقة لها بالإنتاج.

ـ سمير موافى: فى الدول الأوروبية توجد إحصاءات متقدمة تقسم عدد الوفيات سنويا بأسباب طبيعية مقابل من يموتون من تلوث الهواء بأنواعه المختلفة، وهذه الإحصاءات تقول إن هناك 18 ألف حالة وفيات سنوية، غير المصابين بإصابات صدرية جسيمة. وتتحمل الدولة هناك تكلفة علاج المصابين والمتضررين من استخدام الفحم. وبسبب هذه التكلفة قررت دول أوروبا الصناعية وضع خطة للتخلص من استخدامه تدريجيا، هذا على الرغم من أن هذه الدول تستخدم الفحم منذ سنوات طويلة، ولديها نظم تحكم فى التلوث متقدمة، ولديها درجة عالية من الانضباط وتطبيق القوانين.

فى مصر الاقتصاد أضعف كثيرا من أن يتحمل تكلفة العلاج، وبالتالى يتحمل المواطنون فى النهاية التكلفة الأكبر، ويكون المستثمر هو الوحيد الرابح بهذه الطريقة.

فالمستثمر يحصل حاليا على الغاز الطبيعى بـ6 دولارات (للمليون وحدة حرارية)، ومن المعروف أن الدولة لديها خطة لرفع الدعم نهائيا عن الطاقة.

لدينا تقديرات مبدئية حول التكلفة الإضافية المترتبة على استخدام الفحم تتراوح بين 10 و40 دولارا، نتيجة التأثير على صحة المواطنين وعلى البيئة.

 مصطفى مراد: بدون فحم نحن نتجاوز المعدلات المسموح بها لتلوث الهواء فى المناطق الحضرية بنحو 120%، وذلك بالمعايير المحلية التى تقل كثيرا عن المعايير الدولية، بينما تصل نسبة التلوث إلى 200% فى المناطق الصناعية. فكم ستبلغ النسبة فى حالة استخدام الفحم؟

ـ عطوة حسانين: هناك تغاضٍ أيضا عن تكفلة إهدار موارد الدولة، فوزارة البترول قامت بإنشاء بنية أساسية لاستخدام الغاز خلال السنوات الماضية، بناءعلى الاحتياطيات المتاحة منه لديها، ثم يتجه التفكير الآن لنهدر هذه البنية وإنشاء بنية اساسية جديدة من الموانئ والسكك الحديدية لاستخدام الفحم، الذى بدأ الحديث عن استخدامه منذ عام واحد. وحتى لو كانت شركات الأسمنت تقول إنها ستتكفل بتمويل هذه البنية الجديدة، فهى ستسترد قيمتها فى النهاية من المصريين، وبالتالى يكون هذا إهدارا للموارد.

المستثمرون يلجأون للفحم لأن أسعاره تتراجع عالميا، لرغبة الدول الأوروبية فى التخلص منه، فى حين أن أسعار النفط والغاز تزيد على المستوى العالمى، بالإضافة إلى ان المستثمرين يعرفون جيدا أن الحكومة المصرية ستتخذ قرارا بإعادة هيكلة لأسعار الطاقة مما سيرفع التكلفة عليها.

  •  ترى وزارة البيئة أن هناك بدائل لا تضر بنمو الاقتصاد أو صحة المواطنين غير الفحم الذى يضغط فى اتجاهه كثير من المصنعين والمسئولين فى الدولة، فما هى تلك البدائل؟

ـ الوزيرة: البديل الأول هو ترشيد الاستهلاك وهذه ثقافة ليست موجودة عند المستثمرين، ففى كل العالم الصناعة تبحث عن بدائل استثمارية، تعتمد على خفض التكلفة وزيادة العائد، بينما هناك بدائل تتطلب تغييرا للسلوكيات، وهذه لن يفضلها المستثمر.

لكننا مقتنعون أن هذا البديل هو الأفضل والأكثر اتساقا مع «مصر ما بعد الثورة»، أن يكون هناك تغيير لسلوك الصناعة والناس فى الاستهلاك، وتغيير لطريقة توزيع الشبكة للكهرباء، فليس من المنطقى أن نقول إن المصريين الذين أبهروا العالم بنزولهم للميادين مرتين لتغيير النظام، ليست لديهم القدرة على ترشيد استهلاكهم، لأنهم أثبتوا رغبتهم الحقيقية فى التغيير، ونحن نراهن عليهم.

ـ سمير موافى: كيف نقوم باستيراد الفحم لتوليد الطاقة، ونحن نقوم بهدرها، «عندنا قربة مخرومة، نسدها الأول، وبعدين نملاها تانى»، فيجب ترشيد استهلاك الطاقة المنزلية والصناعية قبل البحث عن الاستيراد، فمصر تهدر نحو 20% من الطاقة المستخدمة، وتوفيرها يخفض الحاجة لاستهلاك وقود إضافى.

الدعم الذى تقدمه الدولة للمواد البترولية بالاضافة إلى وجود الكهرباء بسعر رخيص، من الأسباب التى تشجع على هدر الطاقة، كما أنها تجعل المستثمرين يعزفون عن الدفع باستثماراتهم فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة لأنها أعلى تكلفة من الطاقة الكهربائية التى تتاح لهم مدعمة من الدولة. فإذا وزعت الدعم بين الطاقة الجديدة والمتجددة والتقليدية سيزيد الطلب على الاستثمار فى الطاقة الجديدة، وبالتالى يقل سعرها، وتصبح مع الوقت البديل الاقتصادى الأفضل.

الوزيرة: الخيار الثانى هو الاستثمار فى الطاقة البديلة، وهذه هى الطاقة غير المتجددة، والمقصود بها ــ بالأساس ــ مرفوضات القمامة الموجودة بالفعل، لكن المستثمرين يرفضون اللجوء إليها لأن المخلفات لا تأتى بالمواصفات المطلوبة، «طيب ما تتعب شوية وتحط جزء من الاستثمارات اللى كنت هتحطها فى الفحم للحصول على المواصفات المطلوبة فى القمامة». ثم يتعلل المصنعون بمصاريف نقل المخلفات، رغم إنها أرخص من تكلفة نقل الفحم مثلا من الموانئ للمصانع.

هذا فضلا عن الطاقة المتجددة التى لم تكن تدور حولها مناقشات جادة، والتى تعتبر موردا رئيسيا لمصر، إلا أن الحكومة الجديدة أبدت اهتمامها به.

  •  وهل الطاقة الشمسية ليست مكلفة حتى لو كانت أكثر أمانا للبيئة؟

ــ سمير موافى: يجب التفريق بين استخدامين للطاقة الشمسية، هل ستدخل لتوليد الكهرباء كبديل للمحطات العاملة بالوقود، أم أننا نتحدث عن أنها يمكن أن تقدم بدائل لتوليد الطاقة فى بعض المجالات بحيث تخفف الضغط عن محطات الكهرباء والوقود الذى تستخدمه؟ إنشاء محطة كهرباء شمسية مسألة مكلفة ولا تقارن بالفحم أو الغاز، ولكن استخدام أحد تطبيقاتها بتكنولوجيا بسيطة جدا مثل السخانات الشمسية، يمكن تطبيقه من الغد، بحيث تقوم تلك السخانات بكل عمليات التسخين فى البيوت والمصانع بالطاقة الشمسية، وبالتالى توفر الكهرباء والوقود الموجه لها فى تلك العمليات، وهذا تطبيق واحد من تطبيقات الطاقة الشمسية الممكن استخدامها.

أما بالنسبة لمحطات الكهرباء، فإن إنشاء محطة تعمل بالفحم يحتاج إلى 5 سنوات، حيث تتطلب إنشاء ميناء لاستقبال الفحم لها، إعداد تجهيزات خاصة، وهذه هى نفس المدة التى تحتاجها المحطة الشمسية بتكلفة استثمارية أكبر، ولكن هذه التكلفة ستسترد لأن المحطة لن تحتاج للوقود الذى تستهلكه المحطة التقليدية على مدى عمرها.

ــ عطـــــــــــــــــوة حسانين: الدراسات تشير إلى أن كيلومترا مربعا من الالواح الشمسية يوازى نحو مليون برميل نفط سنويا.

ــ مصطفى مراد: بناء محطات الطاقة الشمسية واللجوء للطاقة الجديدة والمتجددة لا يوفر فقط الطاقة، ولكنه يدفع النمو الاقتصادى ككل بما يوفره من أنواع جديدة من الوظائف وطلب على العمالة، حيث سيحتاج السوق المحلى إلى مهندسين وفنيين متخصصين فى مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

  •  أقام المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية، والحكومة بما فيها وزيرة البيئة، لامتناعهم عن اتخاذ قرار يمنع استخدام الفحم كوقود، حماية لصحة المواطنين، فما تعليقكم عليها؟

ــ الوزيرة: المجتمع المدنى يلجأ إلى هذه الأدوات لرفع صوته وإعلان موقفه، «برافو عليهم»، نحن سعداء أنه بدأ فى التحرك ليؤكد أن القرارات فى مصر بعد الثورة لن تتخذ لخدمة رجال الأعمال ولكن لصالح المجتمع، لذلك يقوم عدد من مؤسسات المجتمع حاليا بالتوعية لأخطار اللجوء للفحم بوسائل عديدة.

والمطلوب حاليا ألا يتم التعامل مع المسألة باعتبارها «خناقة»، ولكن أن يتم فتح حوار مجتمعى حقيقى، لتكون كل الأطراف مشاركة فى اتخاذ القرار، الصحة والبيئة ورجال الأعمال والمواطنين الذين سيتأثرون بكل هذا.

  •  البعض ينادى بفرض ضرائب على المستثمرين نظير تلويث البيئة، واستخدام عائدها فى الإنفاق على العلاج، أو توظيفه فى الاستثمار فى الطاقة المتجددة لمعادلة الأثر السيئ للفحم. فهل يمكن اعتبار هذا حل؟

سمير موافى: لو فرضنا ضرائب عند الحد الأدنى لتقديرنا للتكلفة غير المباشرة لاستخدام الفحم كوقود، ستكون قيمتها 10 دولارات، ومن ثم يصل سعر الفحم إلى نحو 14 دولارا (للمليون وحدة حرارية)، بدلا من 4 دولارات. بالطبع لن يقبل المستثمرون هذا.

  •  ألا تستطيع الدولة فرض مثل تلك الضريبة لحماية صحة المواطنين بصرف النظر عن قبول المستثمر، باعتبار أنها تعمل بالأساس لصالح المواطنين؟

ـ الوزيرة: هذا المنطق مغلوط، «أسمح بشىء خاطئ وأغرق نفسى، نظير المساعدة على عمل شىء جيد!». الفحم غير موجود بكميات اقتصادية للاستخدام فى مصر من الأصل، إذن هل لا توجد لدينا أى موارد أخرى حتى نستورد شيئا ضارا؟» المنطق السليم يقول: أستورد شيئا له أضرار بتكلفة أقل ولا أوجه استثماراتى للمورد المتاح لى بكميات هائلة؟

ثم يأتى البعض ويلقى بالمسئولية على وزارة البيئة لتقوم بالرقابة على المصانع وتغريم المخالف منها للشروط البيئية، بينما «البلد بايظة» ولا يوجد تطبيق للقانون فى أى مجال. ستحتاج البلد كما ستحتاج وزارة البيئة لفترة طويلة حتى تتخلص من الفوضى وتعمل بكامل طاقتها، وليس من المنطقى أن نضيف لها أعباء لنعود ونواجهها بعد أن نسترد عافيتنا.

ــ عطوة حسانين: هناك قيود موضوعة من الأصل على دور الوزارة، كما أن قانون البيئة فضفاض بشكل كبير، ينص على عقوبات تصل للسجن المؤبد لمن تسبب فى أذى صحة مواطن أو تسبب فى وفاته، ولكن لا نعرف من الذى سيتم سجنه لأنه النص غير محدد، «هل يُسجن واضع السياسة أم تسجن الشركة؟»

  •  وكيف تؤثر خيارات مصر الخاصة بنوعية الطاقة المستخدمة على النمو الاقتصادى، فى ضوء التعهدات الدولية التى تلتزم بها بخصوص البيئة؟

ــ عطوة حسانين: دول العالم لديها خطط للتحول بنسبة 20% إلى طاقة جديدة ومتجددة لترتفع إلى 40% فى 2050، وفى هذا الإطار هناك بعد اقتصادى آخر غائب تماما عن المناقشة الخاصة ببدائل الطاقة، وهو إضعاف تنافسية المنتجات المصرية فى حالة استخدام الفحم، لأن الانبعاثات الكربونية سترتفع، ومصر موقعة على اتفاقية التجارة العالمية التى تلزم الدول بحد معين للانبعاثات إذا تم تخطيه لا يسمح لها بتصدير منتجاتها، فى نفس الوقت نحن لا نستطيع وقف تدفق المنتجات الأجنبية لأسواقنا وبالتالى نضرب الصناعة المحلية، إذن مشكلة الحكومة ليست فقط فى توفير الطاقة لزيادة الاستثمارات، ولكن مهم أن نسأل أين ستباع السلع التى سيتم إنتاجها، ومن هو المستثمر الذى سيأتى لمصر إذا ارتفعت الانبعاثات الكربونية بما يمنعه من تصدير منتجاته إلى الخارج.

فى العام المقبل، 2015، فى مؤتمرات التغير المناخى التى ستنعقد سيكون لكل دولة حصة قصوى مسموح بها من الانبعاثات الضارة، وفى حالة استخدام الفحم ستزيد الانبعاثات بنسبة كبيرة تحد من قدرة مصر على النمو، لأنها ستصل للحد الأقصى بسرعة كبيرة.

فى إطار التنافسية، لدينا ميزة نسبية من عدم استخدامنا الفحم، وهذا يساعدنا على جذب السياحة والاستثمارات، وبالتالى استخدامنا له يفقدنا تلك الميزة.

كما أن هناك بعدا غائبا تماما فى المقارنة بين مصر والدول الغربية التى تستخدم الفحم، فمعظم هذه الدول تتساقط عليها الأمطار، وهى مغطاة بمساحات واسعة من الأراضى الخضراء تساعد على امتصاص قدر من التلوث، فضلا عن توزيع السكان على مساحة واسعة من الأراضى، بينما فى مصر يعيش السكان متركزين على الشريط الاخضر على ضفاف النيل، ثم يأتى الفحم ليزيد التلوث المركز فى نفس المساحة الضيقة، وهو ما يزيد من خطورته.

  • أصوات عديدة تنادى بالطاقة النووية كخيار آخر وهناك مشروع تعمل عليه الدولة بالفعل فى هذا المجال، فما رأى البيئة فيه؟

الوزيرة: لم يدعُنا احد للتعرف على رأينا حول مشروع إقامة المحطة النووية، رغم أبعاده البيئية الواضحة. وهذا المشروع يعكس التوجهات والتنوع فى الرؤى داخل الحكومة، والتى تمثل حال المجتمع المصرى بشكل عام، بعض الرؤى تنتمى للستينيات من القرن الماضى، وبعضها ينظر للمستقبل، وهذا جزء من المرحلة التى تمر بها البلد، والتى يجب أن يطرح فيها المصريون على أنفسهم أسئلة ما بعد الثورة، لنحدد «من نحن وماذا نريد؟».

دول العالم بدأت فى التحول من الطاقة النووية وذلك لتجنب المخاطر التى نتجت عن استخدامها، مع كل ما لديهم من تقدم تكنولوجى، فما بالك بالمصريين الذين مازالوا يموتون على مزلقانات القطارات لأن العامل لا يعرف على أى زر يجب ان يضغط، فكيف سيتعاملون مع الطاقة النووية؟

ومن جهة أخرى فإن تفكيك تلك المحطات يعتبر مسألة خطيرة ومكلفة، وهذا أمر لم يوضع فى الحسبان، فضلا عن التخلص من النفايات النووية بكل آثارها الخطيرة، والتى لا يبدو أن هناك خطة للتخلص منها. ثم إن الحصول على طاقة مجدية يجب أن يتم بناء أكثر من محطة.

سمير موافى: الدراسات تؤكد أن احتساب تكلفة التخلص من النفايات النووية الصادرة عن المحطة، وتفكيك المحطة عند نهاية عمرها، يجعل تكلفة المحطة النووية ترتفع بنحو ضعف تكلفة إنشائها.

 

عدد التعليقات 0

     
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل الرقم التالي