أهمية تطوير السياحة البيئية في دول مجلس التعاون الخليجي

الكاتب : إبراهيم عبدربه إبراهيم الخميس 04 أكتوبر 2012 الساعة 04:59 مساءً

أهمية تطوير السياحة البيئية في دول مجلس التعاون الخليجي


 

يعتبر مصطلح السياحة البيئية من المصطلحات الحديثة نسبيا؛ حيث ظهر منذ مطلع الثمانينيات من القرن المنصرم، وجاء ليعبر عن نوع جديد من النشاط السياحى الصديق للبيئة، الذي يمارسه الإنسان، محافظاً على الميراث الفطرى الطبيعي والحضاري للبيئة التي يعيش فيها، ويمارس فيها نشاطه وحياته.

وأول من أطلق مصطلح السياحة البيئية (Eco-Tourism) هو المعماري المكسيكي وخبير الاتحاد العالمي لصون الطبيعة "هكتور سباللوس لاسكوراين"، وكان ذلك في عام 1983م.

وبرز مفهوم السياحة البيئية كاختيار عملي للاستمتاع بالطبيعة والتراث الثقافي المحلي والحفاظ عليهم في أن واحد، وتعتبر السياحة البيئية سوقاً واعداً كصناعة تخصصية عالمية والتى تقدر بمئات البلايين من الدولارات كإنفاق مباشر بخلاف العائدات الأخرى غير المباشرة والوظائف التى توفرها تلك السوق الضخمة.

 ومما لاشك فيه أن السياحة البيئية تساهم في كثير من الدول في تنشيط الاقتصاد الوطني، كما أنها تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتنطوي السياحة البيئية على إبراز المعالم الجمالية لأي بيئة في العالم، ويجب أن نلاحظ أنه كلما كانت البيئة نظيفة وصحيحة كلما ازدهرت السياحة وانتعشت؛ من هنا يمكننا القول بأنه يمكن استخدام السياحة كأحد المصادر للمحافظة على البيئة.

§       مفهوم السياحة البيئية:

تعرف السياحة البيئية على أنها "رحلات ملتزمة بيئيا وزيارات لمناطق لم تضر بعد، وذلك بغرض الاستمتاع والدراسة، وتأمل البيئة الطبيعية، وملامحها الثقافية".

وقد عرفها الصندوق العالمي للبيئة السياحة البيئية بأنها "السفر إلى مناطق طبيعية لم يلحق بها التلوث، ولم يتعرض توازنها الطبيعي إلى الخلل، وذلك للاستمتاع بمناظرها ونباتاتها وحيواناتها البرية وحضاراتها في الماضي والحاضر".

وكما هو واضح من التعريفات التي وردت بشأن السياحة البيئية فإنها تعتمد في المقام الأول على الطبيعة ذات المناظر الخلابة؛ ولذا فإن الأنشطة التي ترتبط بالسياحة البيئية تتمثل في:

·       تسلق الجبال.

·       رحلات السفاري والصحراء.

·       الرياضات المائية والغوص.

·       الصيد البري للطيور والصيد البحري للأسماك.

·       الرحلات في الغابات ومراقبة الطيور والحيوانات.

·       استكشاف الوديان والجبال.

·       إقامة المعسكرات.

·       استكشاف الوديان والجبال.

·       تصوير الطبيعة.

·       زيارة مواقع التنقيب الآثرية، والتجول في المناطق الآثرية.

 

§       السياحة البيئية في دول مجلس التعاون الخليجي:

تشهد السياحة – بمختلف انواعها واشكالها- في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً كبيراً، وباتت تلعب دوراً كبيراً في التنويع الاقتصادي وتحقق التنمية الاقتصادية الاقليمية المتوازنه وتسهم في تطوير الموارد البشرية، وقد بلغت معدلات النمو السياحي في دول المجلس عام 2008 نسبة 10 في المائة، في حين أنها لم تتجاوز 2 في المائة عالمياً.

وتتميز السياحة في دول مجلس التعاون الخليجي بالتنوع؛ فسلطنة عمان تمتلك العديد من الاماكن المؤهلة للسياحة البيئية والطبيعية، والمملكة العربية السعودية تعتمد علي السياحة الدينية، وتعتبر والإمارات تعتبر رائدة في سياحة الترفيه والفعاليات، وتعتمد البحرين علي سياحة الثقافة والترفيه والكويت علي سياحة التسوق وسياحة رجال الأعمال.

وتزخر دول المجلس بالعديد من المناطق سواء البرية أو البحرية المؤهلة للسياحة البيئية؛ حيث تتميز دول المجلس بالتنوع الفريد في خصائها الطبيعية والتاريخية والثقافية والتراثية، والتي تجعلها تتميز ببيئة طبيعية متنوعة، جاذبة للسياح من مختلف أنحاء العالم.

ففي سلطنة عمان حباها الله سبحانه وتعالى بإمكانيات طبيعية وخلابة، والمواقع الطبيعية ذات الجذب السياحي توجد في كل محافظات ومناطق السلطنة، وهي متنوعة، وتشمل مياه البحر الممتدة والشواطئ النظيفة والجذابة، والأفلاج والوديان والينابيع المنسابة والجبال الشامخة التي تعانق السماء التي تكسوها الخضرة اليانعة، من أشجار وزهور ومزروعات وكذلك الأنواع المتعددة من حيوانات وطيور وأسماك، واتساع الرمال الشاسعة والكهوف الجبلية، وخريف صلالة الذي يعتبر أبرز المناطق السياحية في السلطنة، إذ تتحول خلال فصل الخريف من كل عام إلى مصيف بالغ الجمال والروعة، والمناخ اللطيف الذي يتخلله الرذاذ بينما تكون حرارة الصيف الشديدة على إمتداد المناطق الأخرى.

وفي المملكة العربية السعودية توجد الكثير من المعالم الطبيعية والتي تصلح للسياحة البيئية فيوجد الحافات الجبلية الرائعة، وقمم الجبال الشاهقة، والسهول الرحبة والغابات الجلبية في جبال السروات... الخ.

وفي البحرين تقوم السياحة البيئية على الأنشطة، والرياضات البحرية، وسباق السيارات، فموقع البحرين في وسط الخليج العربي وكونها مركز لتجارة اللؤلؤ وما لديها من شواطئ ومنتجعات سياحية وواحات باتت قبلة للسائح الباحث عن الهدوء.

وفي الإمارات تتوفر مقومات السياحة البيئية، حيث تمتلك الكثير من المناطق المؤهلة لهذا النوع من السياحة، ومن هذه المناطق –على سبيل المثال- جزيرة القرم، وجزيرة أبو الأبيض، وجزيرة السعديات، وعين الغمور، وشلالات الوريعة وهي مقصد سياحي هام بمناظرها الطبيعية الساحرة، وجبل حفيت بالعين، وهو جبل كثير التعرج ويرتفع بشكل حاد من الصحراء المحيطة، وهو منطقة تقليدية للصيد، والعين الفايضة وبحيرات الينابيع الكبريتية والتي تعتبر في مقدمة منتجعات البلاد الصحية، وواحة القطارة وهي واحة من الأشجار صغيرة ورائعة الجمال وتقع في طرف مدينة العين.

وتزخر دولة قطر بالعديد من المناطق المؤهلة للسياحة البيئية؛ فهناك الحافات الجبلية الرائعة والكثبان الرملية والتي تزخر بالعديد من أشكال الحياة النباتية والحيوانية؛ هذا بالإضافة إلى الشواطئ ذات الطبيعة الساحرة والغنية بالشعاب المرجانية وأشجار المانجروف كما في الذخيرة والشمال التي تحتوي على أشكال متنوعة من الأحياء البحرية.

وفي دولة الكويت ترتكز السياحة البيئية حول المخيمات، والمحميات الطبيعية، والمناطق الآثرية، وتتمثل أنشطة السياحة البيئية في الكويت في:التجول في المناطق الأثرية، وصيد الأسماك والطيور والشعب المرجانية، وإقامة المعسكرات والمخيمات الربيعية، وتصوير الطبيعة واستكشافها، وزيارة المحميات الطبيعية.

 وبالإضافة إلى ما سبق فهناك العديد من المحميات الطبيعية والمنتزهات الوطنية في معظم دول مجلس التعاون كمحمية الشيخ زايد وجزيرة صير بني ياس في الإمارات العربية المتحدة، ومحمية العرين في دولة البحرين ومحميات حرة الحراسيس ورأس الحد والسلاحق البحرية وعرائس البحر في سلطنة عمان ومحميات المها العربي في قطر ناهيك عن عشرات المحميات في المملكة العربية السعودية كمحمية حرة الحرة، محمية الخفنة، محمية الطبيق، محمية الوعول، محمية محازة الصيد ومحمية بني معارض عليها، وهناك من الجزر ذات الطبيعة الجمالية وتنوع الحياة الفطرية مثل جزيرة فرسان والسقيد ومحمية أم القماري وغيرها.

ومما سبق يتضح أن دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك المقومات الجاذبة للسياحة البيئية، وبالتالي فيجب على دول المجلس الاستفادة من السياحة البيئية في تحقيق العديد من الفوائد سواء من الناحية الاجتماعية أو من الناحية الاقتصادية، ويتمثل ذلك فيما يلي:

§  تنشيط الاقتصاد الوطني والمحلي من خلال تنويع المنتج السياحي، وتنشيط الحركة السياحية، وزيادة عدد الرحلات.

§  توفير فرص العمل لا سيما في المناطق الريفية والمناطق البيئية النائية؛ التي تمثلان أكثر المناطق ملائمة لقيام السياحة البيئية.

§  الاهتمام بالسياحة البيئية يمكن أن يؤدي إلى رفع مستوى الاهتمام بالوعي والتعليم البيئي، الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على حماية الموارد الطبيعية والثقافية.

§       تطوير السياحة البيئية في دول المجلس:

نظراً لأهمية السياحة البيئية على نحو ما أسلفنا، فإنه ينبغي لدول المجلس الاهتمام بهذا النوع من السياحة، ولا سيما أن الطلب على هذه النوعية من السياحة في حالة صعود مستمر؛ إذ أنها أسرع قطاع ينمو في صناعة السياحة؛ وقد أظهرت "نشرة الرؤية السياحية لعام 2020" الصادرة عن منظمة السياحة الدولية أن السياحة البيئية أسرع قطاعات سوق السفر نموا، وهذا النمو مرتبط بتزايد الوعي العالمي بالشؤون البيئية.

ولتطوير السياحة البيئية يجب على دول المجلس الالتزام بما يلي:

1. الاهتمام ببناء الفنادق الدولية والممتازة، وتشييد المجمعات السكنية على الشواطئ مع ما يتبعها من مرافق وخدمات.

2.   بناء الوحدات الترفيهية الرياضية مثل مواقع اليخوت والسفن البحرية والألعاب البحرية بأنواعها.

3.   العناية بالمناطق الآثرية، والعناية بالغابات.

4.   تشجيع الاستثمارات السياحية.

5. تضافر الجهود بين مختلف الجهات المعنية لوضع وتنفيذ الخطط للحد من الضوضاء وتأثيراتها الضارة على الصحة.

6. تضافر الجهود مع الجهات المعنية في تنمية سياسات وبرامج حماية البيئة، والمبادرة في الحد من تولد الملوثات والمخلفات وترشيد استخدام الموارد الطبيعية والطاقة في المنشآت السياحية.

7. الاهتمام بوضع الأنظمة والقوانين والضوابط والمعايير التي تنظم الانشطة السياحية، والعمل على إيجاد الآليات الفعالة لمتابعة تنفيذها وتطبيقها.

8. نشر برامج التربية والتوعية البيئية على كافة المستويات واعداد الكتيبات والنشرات التوجيهية الخاصة بذلك، ويمكن استخدام شبكة الإنترنت في ذلك؛ حيث يمكن إنشاء مواقع إلكترونية تتحدث عن السياحة بصفة عامة، والسياحة البيئية بصفة خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي.

9. ضرورة عقد ورشة عمل متخصصة في مجالات تأهيل السياحة البيئية للمرشدين السياحيين وللعاملين في قطاع الفنادق والوحدات السياحية، والشركات السياحية والنقل السياحي، هذا إضافة إلى دورات خاصة بالإعلاميين البيئيين حول دور الإعلام في السياحة البيئية وكذلك دورات للمجتمعات المحلية في المناطق السياحية المستهدفة حول تنمية المنتجات المحلية والتقليدية.

ونود الإشارة هنا إلى أن تطوير السياحة البيئية لا يجب أن يكون على حساب البيئة، وذلك لأنه على الرغم من الآثار الإيجابية التي تتمخض عن السياحة البيئية إلا أنها قد تؤثر تأثيراً سلبياً على البيئة إذا لم تراعى الضوابط والقواعد المناسبة من أجل الحفاظ على البيئة.

فعلى سبيل المثال قد تمثل الزيادة المقررة في أعداد السياح عبئاً علي مرافق الدول من وسائل النقل، والفنادق، وكافة الخدمات من كهرباء ومياه، كما أن ممارسة السياح لبعض الرياضات البحرية أدي إلي الإضرار بالأحياء البحرية من الأسماك النادرة، والشعب المرجانية والذي يؤدي إلي نقص الحركة السياحية في المناطق التي لحق بها الضرر.

ولذا فإننا نرى أنه يجب اتباع القواعد والضوابط التي تعمل على تطوير السياحة البيئية، والمحافظة على البيئة في نفس الوقت، وقد وردت هذه القواعد في الدليل الإرشادي للسياحة المستدامة في الوطن العربي (جامعة الدول العربية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة)، وهذه القواعد هي:

1.   تقليل الآثار السلبية للسياحة على الموارد الطبيعية والثقافية والاجتماعية في المناطق السياحية.

2.   تثقيف السياح بأهمية المحافظة على المناطق الطبيعية.

3. التأكيد على أهمية الاستثمار المسؤول، والذي يركز على التعاون مع السلطات المحلية من أجل تلبية احتياجات السكان المحليين والمحافظة على عاداتهم وتقاليدهم.

4.   إجراء البحوث الاجتماعية والبيئية في المناطق السياحية والبيئية لتقليل الآثار السلبية.

5. العمل على مضاعفة الجهود لتحقيق أعلى مردود مادي للبلد المضيف من خلال استخدام الموارد المحلية الطبيعية والإمكانيات البشرية.

6. أن يسير التطور السياحي جنباً إلى جنباً مع التطور الاجتماعي والبيئي، بمعنى أن تتزامن التطورات في كافة المجالات لكي لا يشعر المجتمع بتغيير مفاجئ.

7.  الاعتماد على البنية التحتية التي تنسجم مع ظروف البيئة، وتقليل استخدام الأشجار في التدفئة، والمحافظة على الحياة الفطرية والثقافية.

 

 

 

إبراهيم عبدربه إبراهيم

المنسق العام للشبكة العربية للتنمية المستدامة

 

 

عدد التعليقات 0

     
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل الرقم التالي