تنمية قطاع الإعلان في الصين

د.نادية حلمي: الخبيرة المصرية في الشئون السياسية الصينية
الكاتب : د. نادية حلمي الخميس 08 نوفمبر 2012 الساعة 04:14 مساءً

    شهد سوق الإعلانات في الصين نمواً مطرداً وتجاوزت إيراداته 500 مليار يوان أي حوالي (78 مليار دولار أمريكي) لعام 2011. حيث انطلقت صناعة الإعلان في الصين في عام 1978، عندما تبنت الصين سياسة الإصلاح والانفتاح.

 
  وفي عام 1979، بلغ إجمالي الدخل للعشرات من شركات الإعلان الصينية 10 ملايين يوان فقط. وبعد مرور 30 عاماً، وصلت إيرادات الإعلانات في البلاد إلى ما يقرب من 204.1 مليار يوان، مع وجود 1.33 مليون موظف يعملون في 200 ألف مؤسسة إعلانية، وذلك على حسب قول "تشو بوه هوا"، رئيس مصلحة الدولة للصناعة والتجارة في الصين.
 
   فلقد لعبت الإعلانات لعبت دوراً مهماً في التسويق وبناء العلامات التجارية في الصين، كما كانت مصدراً رئيسياً لإيرادات مؤسسات الإعلام بما فيها الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية، فقد ساعدت أيضاً في تعزيز تطور وسائل الإعلام. ومع ذلك، فإن قطاع الإعلان في الصين لا يزال متخلفاً عن الدول المتقدمة.
 
    ولقد أكدت الحكومة الصينية عدة مرات أن البلاد ستواصل تشجيع شركات الإعلان المتنافسة، وتعزيز تطور القطاع في المناطق الوسطى والغربية من الصين، واتخاذ إجراءات صارمة بحق الإعلانات المضللة لتحسين السوق.
   فقد بلغ حجم الأعمال التجارية في قطاع الإعلان في الصين 300 مليار يوان أي نحو 47.6  مليار دولار، مع تسجيل وحدات القطاع 300 ألف وحدة وبلوغ عدد العاملين مليوني شخص، لتصبح الصين ثالث اكبر الدول في العالم في هذا المضمار بعد الولايات المتحدة واليابان. وبذلك فإن قطاع الإعلان يجعل الصين ثالث أكبر دولة في العالم في هذا المضمار
   وذكرت بيانات نشرت خلال الدورة الـ 19 لمهرجان الإعلان الدولي الصيني المنعقد حالياً بمدينة "تيانجين" شمال الصين، أن معدل النمو السنوي لحجم الأعمال التجارية للقطاع زاد بحوالي 30 في المائة منذ تطبيق سياسات الإصلاح والانفتاح عام 1978.
   وأوضحت البيانات إلى أن قطاع الإعلان في الصين، أصبح أكثر القطاعات من حيث سرعة التنمية.. لافتة إلى الدور الايجابي الذي يعبه في توسيع الطلبات الداخلية ودفع النمو الاقتصادي في الصين .
   إلا أن البيانات أشارت إلى أن نصيب القطاع في الناتج المحلي الإجمالي للصين، لازال ينخفض عن المستوى العالمي المتوسط، كما انه لم يبلغ نصيب القطاع في حجم المنتجات الاستهلاكية الاجتماعية، نصف مستوى الدول المتقدمة.
 
    كذلك تعمل الصين باستمرار على توفير أرضية خصبة لكي تقدم بعض قنواتها وإعلامييها للعالم، وفتح المجال كبيراً أمام فرص الاستثمار لتبادل الخبرات والأفكار بين جميع الأطياف والخبراء والعاملين في قطاع الإعلان من كافة أنحاء العالم من الدول المتقدمة والناشئة والنامية على حد سواء.
 
   كما شهد قطاع الإعلان في الصين قفزات كبيرة وتطوراً سريعاً، فالعاصمة "بكين" لوحدها تضم أكثر من 100 فضائية موجهة إلى الشعب الصيني والعالم، كما أن المقاطعات الصينية الـ 33 تملك مئات المحطات التلفزيونية ووسائل الإعلام المرئية والمطبوعة والمقروءة وهي بحد ذاتها تمثل سوقاً ضخمة، خاصة بما تدره على الصين من استثمارات ضخمة في قطاع الإعلانات.
   
    إلا أن المفارقة الجديرة بالذكر في هذا الإطار، هو قرار الحكومة الصينية بمنع عرض الإعلانات التجارية أثناء العروض الدرامية في التلفزيون، وذلك في سياق الحملة التي تقودها لإصلاح الحياة الثقافية في البلاد. فقد قررت الحكومة حظر عرض الإعلانات أثناء أي برنامج يزيد طوله عن 45 دقيقة اعتباراً من الأول من يناير لعام 2012.
   وتؤكد السلطات الصينية إن القرار يتماشى مع روح المؤتمر الأخير للحزب الشيوعي الحاكم في شهر أكتوبر لعام 2011. حيث ارتأى عدد من كبار زعماء الحزب حينئذ إنهم يطمحون إلى إرساء أسس "ثقافة اشتراكية" في المجتمع الصيني المعاصر، إلا أن المؤتمر لم يتطرق إلى تفاصيل هذه العملية.
    أما شركات التلفزيون، فتقول إن تطبيق القرار سيؤدي إلى إصابتهم بخسائر مادية، وقد نشر نص القرار في الموقع الالكتروني التابع لمديرية الإذاعة والسينما والتلفزيون الصينية. وجاء فيه أن صدور القرار يعتبر جزءاً من "توجه جديد" نحو الثقافة أقرته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في مؤتمرها الأخير. 
   وجاء في نص القرار أن "الراديو والتلفزيون هما لسان حال الحزب والشعب، ويمثلان سوياً جبهة إعلامية مهمة في الفكر الثقافي". وقال الناطق باسم مديرية الإذاعة والسينما والتلفزيون الصينية أن الهدف من القرار هو "ضمان توافق البرامج التلفزيونية مع مصالح الشعب وتطلعاته، كما أنه على المدى البعيد، ستتيح هذه الخطوة للأعمال التلفزيونية الدرامية أن تتطور بشكل علمي وصحي".
   ومما يذكر في هذا الصدد، أن الحزب الشيوعي الصيني دأب على مراقبة الفعاليات الثقافية في البلاد - كالبرامج التلفزيونية - مراقبة دقيقة منذ أمد بعيد. فقد منع منذ بضعة شهور محطة تلفزيونية تجارية ناجحة من عرض برنامج مسابقات يدعى (سوبر جيرل) يحظى بشعبية واسعة بين أوساط المشاهدين.
   وكان زعماء الحزب الشيوعي قد عبروا في مؤتمر اللجنة المركزية الأخير عن رغبتهم في تشديد الرقابة على المحطات الإذاعية والتلفزيونية. وقال ناطق باسم شركة "هونان" للتلفزيون الفضائي إن القرار الجديد صدر بعد أن وقعت صفقات الإعلانات للعام المقبل. ومضى للقول: "لن يحظى مدراء شبكات التلفزة بنوم عميق في الفترة المقبلة"، وذلك في اشارة منه إلى الخسائر المادية الفادحة التي قد يمنون بها.
   وبذلك يمكن القول، بأهمية قطاع الإعلان في الصين، والذي يشهد تغيرات وتحديات كبرى، وما يدخل في إطاره من مناقشات لقضايا إعلامية بارزة على الصعيد العالمي ومنها: وسائل الإعلام الرقمية، واختراق الهاتف المحمول الشامل، والتغيرات في اقتصاد وسائل الإعلام، والمضمون والتنويع، وتطور التلفزيون، والتحديات في بيئة وسائل الإعلام في العالم، والأسواق الأسرع نمواً  في العالم مثل أسواق الشرق الأوسط والهند والصين وغيرها.
 

عدد التعليقات 0

     
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل الرقم التالي