دور الحزب الشيوعي الحاكم في تعزيز مفهوم "التنمية الذاتية" في الصين

الكاتب : د. نادية حلمي السبت 08 ديسمبر 2012 الساعة 05:59 مساءً

 أن تحقيق التنمية الذاتية يعد مطلباً رئيسياً من الحزب الشيوعي الصيني لأعضائه، لاسيما الذين يتولون المناصب الهامة. ومنذ عام 2002، أقام المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني الذي يضم أكثر من 20 عضواً، 77 مجموعة بحثية حول القضايا الرئيسية في القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، بما في ذلك الديمقراطية على مستوى القاعدة الشعبية، والإصلاح الطبي والاقتصاد العالمي.

 
   ووفقاً لنظام الحزب، فتشير قواعد انضباط الحزب إلى أن قواعد السلوك يجب أن تراقبها منظمات الحزب على كل المستويات وكل الأعضاء. وهي تكفل أن وحدة وتضامن الحزب مصانة وان مهام الحزب مقضية. ويجب على منظمات الحزب مراقبة والحفاظ على قواعد الانضباط الحزبي بصرامة. ويجب أن يعمل عضو الحزب الشيوعي بوعي في إطار قواعد انضباط الحزب.
 
   ويطلب الحزب الشيوعي الصيني من أعضائه، الذين تجاوز عددهم 80 مليون شخص، بحمل قواعد انضباط الحزب باحترام ووضع نماذج للآخرين كي يتبعوها في التقيد بالقانون.
كما يجب عليهم مراقبة قواعد الانضباط السياسي وأن يتماشوا مع اللجنة المركزية للحزب وأمينها العام "هو جين تاو". ويجب على زعماء الحزب بشكل خاص توخي الحذر والامتناع عن أي عمل خارج سلطتهم.
   وفي هذا السياق، يؤكد "جيا جيان فانغ"، أستاذ في مدرسة الحزب، "لو لم يكن الحزب يطور ويواءم نفسه مع الواقع المتغير، لم تكن جمهورية الصين الشعبية وخطة الإصلاح والانفتاح والاشتراكية ذات الخصائص الصينية تقم لها قائمة وكذلك كافة انجازات الصين اليوم".
 
   والأهم، هو أنه يتعين على مسئولي الحزب الشيوعي الصيني الابتعاد عن وهم بأنه يمكن إعفائهم من أعمال الانضباط والعقوبات القانونية بسبب سلطتهم العالية أو نفوذهم الاجتماعي.
لأنه لن ينتج عن الاستخفاف بقواعد انضباط الحزب وحكم القانون سوى تحقيق جاد وعقوبة.
  
    ومن أجل تحقيق التنمية الذاتية ورفع كفاءتها عند الصينيين، أقامت مدرسة الحزب الشيوعي في الصين، التي تدرب مسئولين على مستوى رفيع، 45 برنامجاً وضمت إليها أكثر من 3 آلاف شخص سنوياً. وكان من بين المحاضرين في المدرسة قادة دول أجنبية وباحثون بارزون ومديرون تنفيذيون في شركات متعددة الجنسيات.
 
   وأكد "لي جون رو"، نائب الرئيس السابق لمدرسة الحزب إن جودة حوكمة الحزب أمر متأصل في كل مسئول. حيث يولي الحزب أهمية كبيرة لتعليم وتدريب الأعضاء وطالب المسئولين الكبار بإعطاء مزيد من الوقت للتعلم. وأضاف لي "ويمكن اعتبار ذلك محاولة لتعزيز الأخلاق والحد من الممارسات الخاطئة والفساد، وهي مسألة حياة أو موت الآن بالنسبة لدور الحزب". كما يسلط الحزب الضوء على "التنمية الذاتية" له.
 
   وقال "شي جين بينغ"، الرئيس الجديد المنتخب في الصين خلال المؤتمر الوطني الـ 18 للجنة المركزية في الحزب الشيوعي الحاكم، ورئيس مدرسة الحزب، خلال كلمته في المدرسة "أن استعارة الأفكار الجيدة والتعلم من الآخرين، وهو ما جعل الحزب يحافظ على حيويته ويحرز تقدماً في تاريخه الممتد على مدار 91 عاماً".
 
   وعلى مدار السنوات العشر الماضية، قاد الحزب ووحد أعضاءه والشعب بجميع أنحاء البلاد لتطوير "اشتراكية بخصائص صينية" مما حقق انجازات ملحوظة في البناء الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي، وتحسين المستويات المعيشية وبناء البلاد لتكون ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وتشهد الاشتراكية بخصائص صينية ازدهاراً تحت القيادة الصينية بيد أنه يجب القول أيضاً أن الحزب يواجه تحديات متنامية ولا يزال يقع على عاتقه مهام شاقة ومعقدة.
 
   وحذر "هو جين تاو" سكرتير عام الجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني أعضاء الحزب خلال مراسم احتفالية أقيمت عام 2011، للاحتفال بالذكرى الـ 90 لتأسيس الحزب من أن "الحزب يواجه اختبارات صعبة ومخاطر متنامية ويكمن حل تلك الاختبارات في الجهود المبذولة للمحافظة على تقدم الحزب وتحسين قدرته على الحكم يجب بذل الجهود لمعالجة التنمية غير المتوازنة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتسريع بتحويل نموذج التنمية الصينية".
 
   والحقيقة أن الصين لم تحقق فقط تنمية لنفسها، بيد أنها أسهمت أيضاً في الاقتصاد العالمي، وقدمت دليلاً قاطعاً على أن الحزب قادر على التعامل مع الأوضاع المقعدة بالداخل والخارج ويتطلب تحسين قدرة الحزب أيضاً على الحكم نهجاً موجهاً للشعب.
 
    كما يضع الحزب الشيوعي الصيني في اعتباره أن التنمية الذاتية لأعضائه، فضلاً عن الدعم الشعبي له سيقدم قوة دفع أساسية للحزب من أجل التحرك قدماً، وينبغي أن يخدم شعار "خدمة الشعب من القلب"، وأن يكون دائماً مبدأ رئيسياً للحزب. ولتحقيق تلك الغاية، يجب أن يعمل الحزب على تحقيق العدل والمساواة في المجتمع، وتحسين إجراءات الإدارة الاجتماعية ووضع لوائح أفضل لاستخدام سلطة تتماشى مع القانون.
 
   ولتحقيق قواعد الانضباط والصرامة، والارتقاء بالتنمية الذاتية للحزب الشيوعي الحاكم، أصدرت إدارة التنظيم بالحزب الشيوعي الصيني قواعد عملياتية لإجراء تعديلات لتطهير وتحقيق نزاهة المجالس التشريعية والحكومات المحلية، وفقاً لبيان أصدره الحزب يوضح آلية تحقيق ذلك.
 
   وقال البيان الصادر عن الحزب: "أن الانتخابات الداخلية للحزب الشيوعي الصيني على مستوى المقاطعات، والمدن، والمحافظات ومراكز القرى، والتي انتهت في شهر يوليو لعام 2012، أثبتت أنها شفافة وديمقراطية، ويتعين استمرار هذا المناخ الجيد في تعديلات المجالس التشريعية، والحكومات، والأجهزة الاستشارية السياسية المحلية من أجل ضمان انتقال سلس وصحي للسلطة".
    وذكر البيان أنه يتعين أن تلتزم هذه التعديلات بسلسلة القواعد التي تحظر الممارسات غير الملائمة. وأضاف انه سيتم معاقبة الذين "يشترون" أو "يبيعون" المناصب الرسمية من خلال منح أو تلقى رشاوى أو جمع أصوات الناخبين بوسائل غير ملائمة، دون رحمة. وستقوم إدارة التنظيم واللجنة المركزية لفحص الانضباط بالحزب الشيوعي الصيني بإرسال فرق خاصة لمراقبة الانتخابات في مختلف أنحاء البلاد.
 
    وتستطيع الجماهير إخطار الإدارة بأية مشاكل خلال هذه التعديلات من خلال الاتصال بخط ساخن أو الدخول على الموقع الالكتروني للإدارة. ومن هنا، فإن إجراءات مكافحة الفساد والجهود المبذولة للمحافظة على نقاء روح الحزب ستحافظ على الحزب منضبطاً بشكل جيد وسليم وسيساعد الحزب في الفوز بثقة الشعب. وبالنظر إلى العقود الماضية للتنمية، تولدت لدى الشعب الصيني ثقة بأن الحزب الشيوعي الصيني سيقود البلاد بنجاح إلى مستقبل مشرق.
 
   ونفهم مما سبق، أنه من المتوقع أن يعمل الحزب وتحت إشراف قيادته الجديدة في المرحلة المقبلة على المواءمة مع الأوضاع المعقدة والتحديات الشديدة التي تواجهها الصين اليوم.
 
 

عدد التعليقات 0

     
الاسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
أدخل الرقم التالي